يُشكّل معرض شنغهاي الدولي للسيارات 2025 محطة بارزة على خارطة صناعة السيارات العالمية، إذ جمعت صالاته نحو ألف عارض محلي ودولي لعرض أحدث ابتكارات الطاقة الجديدة. تركّزت فعاليات هذه الدورة بشكل واضح على السيارات الكهربائية وأنظمة التنقل الذكي، لكن غياب عدد من الماركات الفاخرة والرائدة ألقى الضوء على تحولات جوهرية في استراتيجيات التسويق والإنتاج الدولية، لا سيما في السوق الصينية التي تشهد تنافساً محتدماً وتعدّ الأكبر من حيث حجم الاستهلاك.
غياب العمالقة الكورية
جذب غياب علامات هيونداي وكيا وجينيسيس الانتباه في معرض شنغهاي 2025 بعد انقطاع لم يشهده الحدث منذ دخولها السوق الصينية عام 2002. وأتى هذا الغياب بعد تراجع حصة هذه الماركات مجتمعة إلى 1.6 % بنهاية 2024. وعقدت هيونداي بكين اجتماعاً استراتيجياً في شنغهاي أياماً قليلة قبل الافتتاح وقدمت خلاله منصة ELEXIO الكهربائية الجديدة كما أكدت التزامها باستراتيجية In China for China to Global لتعزيز الإنتاج المحلي قبل التوسع عالمياً. وبدورها مهّدت جينيسيس لعصر 2.0 عبر تحسين كفاءة العمليات والاستعداد لجولات توسع مستقبلية في السوق الصينية.
الانسحاب الفرنسي والبريطاني
امتد غياب ماركات فرنسية مثل ستروين وبيجو إلى جوار ماركات بريطانية كالجاكوار ولاند روفر. ونظمت لاند روفر فعالية منفصلة لعرض استراتيجيتها في التحول إلى السيارات الكهربائية في الصين، ما يعكس رغبة هذه الشركات في توجيه رسائلها مباشرة إلى الشركاء المحليين بعيداً عن إطار المعرض العام.
تراجع علامات الرفاهية العالمية
حافظت بنتلي وبورشه على وجودهما في الجناح المخصص للفخامة، غير أن مازيراتي ولامبورغيني ورولز رويس انسحبت في ظل تراجع مبيعات السيارات الفاخرة التي تتجاوز أسعارها مليون يوان (137,000 دولار - 514,214 ريال سعودي) بنسبة 53 في المئة خلال الربع الأول من 2025. وتزامن هذا الانسحاب مع صعود العلامات المحلية إلى مقدمة المشهد، إذ تصدرت يانج وانج التابعة لبي واي دي قائمة السوق بعد تحقيقها أكثر من عشرة آلاف وحدة مباعة، في حين لفتت مايسترو S800 الانتباه قبيل إطلاقها المتوقع في مايو.
تحديات الشركات الناشئة في عالم السيارات الكهربائية
برز في هذه الدورة غياب عدد من الشركات الناشئة التي واجهت أزمات مالية وتشغيلية حادة، أبرزها شركة هي بّي هاي التي دخلت في إجراءات إعادة هيكلة، وشركة جيوي التي خاضت نزاعات مع الموردين، ونيتا التي واجهت تحديات تراكم الديون. وأدت هذه الأزمات إلى انسحاب هذه الكيانات الواعدة من المعرض، ما يعكس شدة المنافسة وضرورة توافر موارد هائلة لضمان الاستمرارية.
بروز الأسماء الجديدة في السوق الصيني
في المقابل، جذبت علامات ناشئة مثل شاومي أوتوموتيف وليب موتور المدعومتين من Stellantis وHIMA التابعة لهواوي اهتمام الزوار بأحدث الابتكارات. حرصت هذه الشركات على استعراض تقنيات فائقة التطور وموديلات متجددة، ما يؤكد دخول الصين حقبة جديدة من الابتكار تضاهي تميز الشركات العالمية الرائدة.
غيابات استراتيجية وتوجهات مستقبلية
لم يقتصر الغياب على هذه الأسماء فقط بل شمل أيضاً تسلا التي تأخرت في طرح موديلات جديدة منذ فترة، وبولستار التي لم تكشف عن طرازها الرابع بعد مشاركتها البارزة في الدورة السابقة. كذلك تغيّبت شيفروليه وسوبارو وجيتا وفينوسيا التابعة لدونج فينج نيسان عن صالات المعرض، في مؤشر إلى لجوء هذه العلامات إلى قنوات تسويقية جديدة تتيح لها مرونة أكبر في ضبط التكاليف وتعزيز هوامش الربح بعيداً عن أعباء المعارض الدولية.
يتضح من هذه الغيابات أن صناعة السيارات تخوض مرحلة انتقالية حاسمة، تتلاقى فيها ضغوط خفض التكاليف مع متطلبات الابتكار وتحول أولويات العملاء، ما يعيد رسم معالم المنافسة ويحدد حضور اللاعبين الرئيسيين في الأسواق الكبرى خلال السنوات المقبلة.

بدأ حبي للسيارات من قبل دخولي عالم الصحافة والكتابة في عام 2015. ورغم كوني صيدلانية في الأساس، إلا أن هدير المحركات وأناقة التصميم ومتعة القيادة خطفت اهتمامي منذ البداية. اليوم أعيش هذا الشغف عبر استكشاف أحدث السيارات ومشاركة تجاربي مع عشاق السيارات في الخليج.