- متى بدأت قصة السيارات الكهربائية؟
- ما أسباب تراجع حضورها في بدايات القرن العشرين؟
- متى عاد العالم إلى الاهتمام بالسيارات الكهربائية؟
- ما مستقبل السيارات الكهربائية في ظل التقدم التقني؟
شهدت صناعة السيارات تحولات جوهرية منذ ظهور أول سيارة كهربائية في القرن التاسع عشر وحتى تصاعد شعبيتها في العقود الأخيرة. وبين تقلبات التكنولوجيا وتغيرات المشهد البيئي والاقتصادي، سلكت السيارات الكهربائية مسارًا حافلًا بالتحديات والانتكاسات، قبل أن تعود اليوم لتتصدر مشهد النقل المستدام. في السطور التالية نستعرض التاريخ المتقلب لهذا الابتكار ونتتبع كيف تحول من فكرة تجريبية إلى خيار عصري يفرض حضوره في أسواق العالم.
متى بدأت قصة السيارات الكهربائية؟
تعود بدايات السيارات الكهربائية إلى أوائل القرن التاسع عشر، حين ساهمت سلسلة من الابتكارات العلمية، مثل البطارية والمحرك الكهربائي، في إرساء أسس هذه التكنولوجيا. ورغم بساطة المحاولات الأولى، برزت سيارة ويليام موريسون عام 1890 كأول نموذج ناجح في الولايات المتحدة، بقدرتها على نقل ستة ركاب وسرعة بلغت 14 ميلاً في الساعة. هذا النموذج، وإن كان محدودًا في أدائه، إلا أنه شكل نقطة انطلاق لاهتمام واسع من شركات ومصنعين.
وبحلول مطلع القرن العشرين، بدأت السيارات الكهربائية بالانتشار في المدن الكبرى مثل نيويورك، حيث ضمت شوارعها أسطولًا من سيارات الأجرة الكهربائية. ومع كونها سهلة الاستخدام، وهادئة التشغيل، وخالية من الروائح والانبعاثات، أصبحت خيارًا مفضلًا لدى سكان الحواضر، وخاصة النساء، وبلغت ذروة شعبيتها بحلول عام 1900 عندما شكلت قرابة ثلثي السيارات على الطرق الأمريكية.
ما أسباب تراجع حضورها في بدايات القرن العشرين؟
رغم انطلاقتها الواعدة، واجهت السيارات الكهربائية تراجعًا ملحوظًا بعد بضع سنوات فقط. السبب الرئيسي كان صعود السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي، التي أصبحت أكثر عملية وأقل تكلفة. فعندما طرح هنري فورد طراز "موديل T" عام 1908، أحدث نقلة نوعية بجعل السيارات متاحة لشرائح أوسع بأسعار منافسة، ما قلل من الإقبال على البدائل الكهربائية.
عوامل أخرى أسهمت في هذا الانحدار، مثل رخص الوقود، وتوسع شبكة الطرق، وغياب الكهرباء عن المناطق الريفية. كما أن السيارات الكهربائية ظلت تعاني من بطء السرعة، وضيق المدى، وصعوبة الشحن، ما جعلها غير مناسبة للرحلات الطويلة. وبحلول عام 1935، تلاشى حضورها من الشوارع تقريبًا، واحتكرت سيارات البنزين الساحة لعقود.
متى عاد العالم إلى الاهتمام بالسيارات الكهربائية؟
عادت الأنظار مجددًا إلى السيارات الكهربائية في سبعينيات القرن الماضي مع أزمة النفط العالمية وارتفاع أسعار الوقود. سعت حينها الحكومات إلى دعم تقنيات بديلة، وبدأت جهود بحثية لتطوير سيارات نظيفة. لكن الأداء المحدود للتقنيات في تلك الفترة حال دون انتشار واسع. بقيت هذه السيارات بطيئة وبمدى قصير، ولم تشكل تهديدًا حقيقيًا لنظيراتها التقليدية.
ثم جاءت التسعينيات لتشهد نقلة جديدة مدفوعة بقوانين بيئية صارمة في الولايات المتحدة وأوروبا. فبدأت شركات تصنيع السيارات بتطوير طرازات كهربائية أكثر كفاءة، أبرزها جنرال موتورز EV1 التي شكلت إنجازًا تقنيًا لافتًا، لكنها لم تدخل مرحلة الإنتاج التجاري الواسع.
التحول الجذري الحقيقي حصل عام 1997 مع إطلاق تويوتا بريوس، أول سيارة هجينة يتم إنتاجها بكميات ضخمة، والتي ساهمت في إعادة رسم خريطة السوق. وتبعها إعلان شركة تسلا عام 2006 عن سيارة رياضية كهربائية يمكنها قطع أكثر من 300 كيلومتر في شحنة واحدة، وهو ما شكل نقطة انطلاق لعصر جديد من السيارات الكهربائية. لم تمض سنوات قليلة حتى تحولت تسلا إلى رمز ثوري في الصناعة، وأجبرت كبار المصنعين مثل نيسان وجنرال موتورز على دخول المنافسة بنماذج مثل ليف وفولت.
ما مستقبل السيارات الكهربائية في ظل التقدم التقني؟
اليوم، تتوفر في الأسواق عشرات الطرازات الكهربائية والهجينة بمواصفات وأحجام متنوعة. مع انخفاض أسعار البطاريات، وتوسع البنية التحتية لمحطات الشحن، ودعم الحكومات للابتكار، أصبح امتلاك سيارة كهربائية خيارًا واقعيًا ومرغوبًا من شرائح مختلفة من المستهلكين. وساعدت الاستثمارات الضخمة في البحث والتطوير على تقليص تكلفة البطاريات بنسبة 50 بالمئة خلال سنوات قليلة، مع تحسين المدى والأداء.
لم تعد السيارة الكهربائية حلمًا مستقبليًا، بل أصبحت رمزًا للتنقل العصري الواعي بيئيًا. وبينما تتسابق الشركات لتقديم مزيد من الابتكارات، يبدو أن هذا النوع من السيارات يسير بخطى ثابتة نحو ريادة الأسواق لعقود مقبلة، مستفيدًا من الجمع بين الأداء النظيف والتطور التقني المستمر.