خمس نساء غيرن قواعد اللعبة في صناعة السيارات

لطالما اعتُبر قطاع السيارات ساحة يهيمن عليها الرجال، سواء في مواقع اتخاذ القرار أو على حلبات المنافسة. لكن السنوات الأخيرة حملت معها تحولات عميقة، فتحت المجال أمام نساء تمكن من تجاوز العقبات وفرض حضورهن في هذا القطاع التنافسي. في السطور التالية نسلط الضوء على خمس قياديات تركن بصمة مؤثرة، وأسهمن في إعادة صياغة مفاهيم القيادة والتميّز داخل واحدة من أكثر الصناعات تطورًا وحيوية على مستوى العالم.

ماري بارا: قيادة واعية تغيّر مسار جنرال موتورز

منذ توليها منصب الرئيسة والمديرة التنفيذية لشركة جنرال موتورز في عام 2014، قادت ماري بارا تحولًا استراتيجيًا عميقًا في مسار الشركة، نقلها من النهج التقليدي إلى مستقبل يرتكز على الابتكار والتقنيات النظيفة. تحت قيادتها، تبنت جنرال موتورز توجهًا جريئًا نحو إنتاج السيارات الكهربائية وتطوير حلول القيادة الذاتية، في إطار رؤية تستهدف الاستدامة والتفوق التقني.

وخلال سنوات إدارتها، ضخت الشركة استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات لتوطيد حضورها في سباق التطوير العالمي، مع تعزيز بيئة العمل عبر فتح المجال أمام تمكين النساء وتنوع المواهب. وبفضل مزيجها المتوازن من الحزم والرؤية، أصبحت بارا واحدة من أبرز القيادات المؤثرة في صناعة السيارات الحديثة، ووجهًا نسائيًا بارزًا في عالم الأعمال العالمية.

هيل نيس: ريادة نسائية على حلبات السرعة

في ثلاثينيات القرن الماضي، لم يكن من المعتاد رؤية امرأة تتسابق على مضامير السرعة، لكن هيل نيس قلبت المعادلة وأعادت رسم حدود الممكن. فقد خاضت غمار منافسات شهيرة مثل رالي مونتي كارلو وسباق إنديانابوليس 500، متحدية القيود الاجتماعية والنمط السائد آنذاك.

نيس لم تكن مجرد سائقة متميزة، بل رمزًا للإرادة الصلبة والطموح الذي لا يعترف بالعقبات. ما زال تأثيرها حاضرًا في سجل سباقات السيارات، بعدما مهّدت الطريق أمام أجيال من النساء لدخول هذا العالم المثير بثقة وشغف.

ليندا جاكسون: هوية متطورة تقود سيتروين نحو المستقبل

منذ توليها منصب القيادة في سيتروين عام 2014، نجحت ليندا جاكسون في إعادة تشكيل هوية العلامة الفرنسية بأسلوب يجمع بين الابتكار والتجربة الإنسانية. فقد أعادت رسم ملامح شخصية الشركة عبر التركيز على دمج التكنولوجيا الحديثة مع راحة السائق والركاب، ما انعكس في إطلاق طرازات مميزة مثل C3 Aircross وë-C4 الكهربائية.

جاكسون، المنحدرة من أصول جامايكية، لم تقتصر مساهماتها على الجانب التجاري أو التصميمي فقط، بل عملت على ترسيخ ثقافة داخلية قائمة على التنوع والشمول. وآمنت بأن تعدد وجهات النظر داخل فريق العمل يشكل قوة دافعة للإبداع ويسهم في تطور العلامة على مستوى عالمي.

جوين شوتويل: حين تقود تكنولوجيا الفضاء مستقبل التنقل

رغم أن جوين شوتويل لا تنتمي مباشرة إلى قطاع تصنيع السيارات، إلا أن تأثيرها في مستقبل التنقل بات واضحًا وملحوظًا. فهي تشغل منصب الرئيسة التنفيذية للعمليات في شركة سبيس إكس، ولعبت دورًا محوريًا في دفع حدود الابتكار التكنولوجي، خاصة في مشاريع مستقبلية مثل الهايبرلوب، ضمن تعاون استراتيجي مع شركة تسلا.

تميزت شوتويل برؤية تقنية بعيدة المدى، وقدرة عالية على قيادة فرق العمل بكفاءة، ما ساهم في ترسيخ مكانتها كإحدى أبرز القيادات النسائية في مجالات التكنولوجيا والنقل المتقدم. ومن خلال نهجها الذي يكسر القواعد التقليدية، أثبتت أن الابتكار الحقيقي يتطلب الجرأة في التفكير والانفتاح على آفاق جديدة.

بريتا زيغر: صانعة الصورة الحديثة لمرسيدس بنز

تشغل بريتا زيغر منصبًا قياديًا ضمن مجلس إدارة دايملر إيه جي ومرسيدس بنز إيه جي، حيث تتولى الإشراف على قطاعي التسويق والمبيعات على مستوى العالم. وبفضل رؤيتها الاستراتيجية، نجحت في الحفاظ على حضور مرسيدس بنز القوي في سوق يشهد تنافسًا متسارعًا، مع تعزيز علاقة العلامة بعملائها من خلال تجارب رقمية متطورة تعكس هوية الشركة الفاخرة.

أسهمت مبادرات زيغر في تقريب مرسيدس من تطلعات الجيل الجديد من العملاء، لا سيما في ظل التحول نحو التنقل الكهربائي وخدمات ما بعد البيع القائمة على الابتكار. وتمكنت بذكاء من الموازنة بين تاريخ العلامة العريق ومتطلبات العصر الرقمي، لتصبح نموذجًا يحتذى به في القيادة التسويقية داخل صناعة السيارات العالمية.