تشكل براءات الاختراع دعامة متينة لتقدم صناعة السيارات، إذ ساهمت كل فكرة جديدة في رفع مستوى السلامة والأداء والراحة على الطرق. عمل المخترعون على تحويل رسوماتهم الأولية إلى تقنيات يلمسها السائقون يومياً خلف المقود، فانبثق عالم من الابتكارات التي غيّرت نظرة الإنسان إلى السيارة وساعدت في تطويع التكنولوجيا لخدمة التنقل البري. في السطور التالية نستعرض أبرز النماذج التي وضعت بصماتها في تاريخ السيارات، مع التركيز على طرق تطبيقها وفوائدها العملية.
حزام الأمان ثلاثي النقاط
قدّم نيلس بوهلين مفهوم حزام الأمان ثلاثي النقاط لشركة فولفو في نهاية خمسينيات القرن الماضي، ثم اعتمدته الشركة عام 1959 بعد تثبيت الحزام حول الصدر والحوض. هذا التصميم وزع قوة التصادم على نقطتين قويتين في الجسم، ما قلل الإصابات وشكل معياراً عالمياً للسلامة. وما زالت معظم السيارات حتى اليوم تعتمد هذا النظام البسيط والفعال لضمان حماية الركاب.
تطور الفرامل القرصية
انطلق نموذج الفرامل القرصية في إنجلترا عام 1890 باستخدام أقراص نحاسية، لكن التطبيق المناسب تأخر حتى ثلاثينيات القرن الماضي عبر القطارات والدراجات النارية. وجد الاختراع طريقه إلى مضامير السباق خلال خمسينيات القرن الماضي مع سيارات كرايسلر وجاكوار في لومان 24 ساعة عام 1953، ثم اعتمدته Citroën في DS عام 1955. وفر هذا النظام ثباتاً أعلى وأداء أقوى عند التوقف، فانتقل لاحقاً إلى السيارات اليومية ليصبح جزءاً لا يتجزأ من منظومة الكبح الحديثة.
نظام الملاحة العالمي (GPS)
شهد عام 1990 دخول مازدا أول وحدات GPS المدنية التي كانت في الأساس مخصصة للجيش الأمريكي، حيث تمكنت من تتبع المواقع بدقة وتنظيم المسارات دون الاعتماد على الخرائط الورقية. ومع مرور السنوات انتشرت وحدات GPS في الفئات الفاخرة أولاً ثم امتدت إلى السيارات العائلية لتسهل تنقل الملايين وتحد من ضياع السائقين في المدن الكبيرة.
انطلاقة الشاحن التوربيني
انتُقِي الشاحن التوربيني من أفكار جوتليب دايملر عام 1855 لضغط الهواء في محركات الطائرات، ثم طوره مهندس سويسري ليصل إلى السيارات. تميزت بي إم دبليو 2002 تربو بقدرة استثنائية على تعزيز القوة دون زيادة حجم الأسطوانات، وتلتها بورش 911 فتبوأت مكانة خاصة بين عشاق الأداء. وأصبح الشاحن التوربيني علامة على التوازن بين القوة والكفاءة في محركات السيارات الرياضية.
ناقل الحركة المزدوج القابض
جرى اختبار ناقل الحركة المزدوج القابض في Hillman Minx عام 1961 بشكل نصف آلي، ثم قامت بورش بتطويره لسيارتها 962 C عام 1985. وعندما أدخلت فولكس واجن التقنية في جولف R32 عام 2003، قدمت تبديل تروس سريعاً وانسيابية استجابة فريدة في فئة الأوتوماتيك، ما جعل تجربة القيادة أكثر ديناميكية ومتعة.
تبني المحرك المستعرض والدفع الأمامي
أحدث السير ألكسندر إيسيجونيس ثورة عام 1959 عبر تصميم Austin Mini بمحرك مستعرض أمامي ودفع للعجلات الأمامية، فاستغل المساحة الداخلية بكفاءة مرتفعة مع الحفاظ على أبعاد خارجية مدمجة. وانتشرت هذه الفكرة منذ ثلاثينيات القرن الماضي في سيارات DKW وSaab وCitroën، وما زالت التقنية أساساً في كل فئات السيارات المدمجة والاس يو في حتى اليوم.
انتشار الدفع الرباعي
قدمت شركة سبايكر الهولندية أول تطبيق عملي لتقنية الدفع الرباعي عام 1903 لخدمة الاستخدامات الزراعية والعسكرية، لكن انتشار هذه التقنية تبلور فعلاً مع إطلاق أودي كواترو الرياضية عام 1980. حسّنت كواترو التماسك على الطرق الزلقة وألهمت العديد من الشركات لاعتماد الدفع الرباعي في سيارات الصالون والاس يو في الكبيرة، فيحصل قائدو السيارات على ثقة أكبر في مختلف ظروف القيادة.
نظام التحكم الإلكتروني بالثبات
حرصت تويوتا كراون على اختبار أولى وحدات التحكم الإلكتروني بالثبات عام 1983، ثم نفذت بي إم دبليو تحسينات جوهرية حتى طُرحت التقنية لكامل طرازاتها عام 1992. وأطلقت مرسيدس نظام ESC رسمياً في S-Class Coupe عام 1995، فساهم في منع الانزلاق الزائد وتطبيق الفرامل الانتقائي لتثبيت السيارة، ما أثبت جدارته في تقليل الحوادث وحماية الأرواح.
دخول السيارة بدون مفتاح
قدمت فورد لوحة مفاتيح رقمية لفتح الأبواب عام 1980، ثم أتت رينو بنظام فتح عن بعد عام 1982، قبل أن تعتمد جنرال موتورز التقنية رسمياً في أوائل التسعينيات. ومنذ ذلك الحين تطورت الفكرة إلى مفاتيح ذكية تعتمد الاتصال اللاسلكي وتضمن عملية دخول سلسة دون استخدام المفتاح الميكانيكي التقليدي.
تُعد هذه الابتكارات دفعة قوية نحو مستقبل أكثر أماناً وكفاءةً في عالم السيارات، حيث يواصل المخترعون تطوير التقنيات لإعادة رسم خريطة التنقل البري وتقديم تجارب قيادة متفردة.

بدأ حبي للسيارات من قبل دخولي عالم الصحافة والكتابة في عام 2015. ورغم كوني صيدلانية في الأساس، إلا أن هدير المحركات وأناقة التصميم ومتعة القيادة خطفت اهتمامي منذ البداية. اليوم أعيش هذا الشغف عبر استكشاف أحدث السيارات ومشاركة تجاربي مع عشاق السيارات في الخليج.