في مفاجأة لم تكن في الحسبان، وجدت شاومي نفسها في مواجهة موجة استياء كبيرة بين ملاك سيارتها SU7 Ultra، بعد أن اكتشفوا أن ما وُعِدوا به في الحملات الترويجية لا يتطابق مع ما حصلوا عليه فعليًا. الغطاء الأمامي المصنوع من ألياف الكربون، والذي سوّق له كعنصر ديناميكي فعال يوجه تدفق الهواء ويحسن التبريد، تبيّن لاحقًا أنه أقرب للتجميل منه إلى الأداء، بحسب اختبارات أجراها مختصون ومدونو محتوى في عالم السيارات، ما دفع المئات للمطالبة باسترجاع سياراتهم.
تصميم محل جدل وغضب متصاعد
في حملتها الترويجية، سلطت شاومي الضوء على الغطاء الأمامي المزود بمسارات هوائية مزدوجة مصنوعة من ألياف الكربون، مشيرة إلى أنه يعزز الانسيابية الهوائية ويوجه تدفق الهواء نحو العجلات للمساعدة في تبريدها. وقد شكل هذا العنصر عامل جذب رئيسيًا لكثير من المشترين، من بينهم أحد الملاك الذي دفع 42 ألف يوان صيني (نحو 21,870 ريال سعودي) للحصول على هذه الميزة الاختيارية.
لكن بعد إخضاع الغطاء للفحص الدقيق، تبين أن المسارات الهوائية ضيقة ولا ترتبط فعليًا بأي نظام تبريد، كما أنها لا تقدم أي تأثير حقيقي على الأداء الديناميكي أو خفض حرارة المكابح. وأظهرت تحليلات فنية أن تكلفة تصنيعه لا تتجاوز 10 آلاف يوان (حوالي 5,200 ريال سعودي)، ما كشف عن فجوة واضحة بين السعر الفعلي والمبلغ المدفوع، وأدى إلى تصاعد موجة استياء داخل أوساط الملاك، حيث تجاوز عدد المطالبين بإعادة سياراتهم حاجز 400 شخص.
رد باهت وتعويض دون مستوى التوقعات
في محاولة لاحتواء الأزمة، أصدرت شاومي بيان اعتذار أشارت فيه إلى أن اللغة المستخدمة في الترويج كانت غير دقيقة، موضحة أن الغطاء الكربوني يوفر دعمًا جزئيًا لتدفق الهواء ويسهم في تبريد المحرك، إلى جانب قيمته الشكلية. وضمن محاولاتها لتصحيح الوضع، عرضت الشركة خيار تعديل الطلبات التي لم تُسلّم بعد، وذلك من خلال استبدال الغطاء الكربوني بآخر من الألومنيوم. كما منحت العملاء المتضررين 20 ألف نقطة تعويض، تعادل تقريبًا 2000 يوان (نحو 1041 ريال سعودي).
لكن هذا العرض لم يكن كافيًا لطمأنة غالبية الملاك، الذين اعتبروا أن التعويض لا يعكس حجم الفارق بين ما دفعوه وما حصلوا عليه فعليًا. إلى جانب ذلك، فإن خيار استبدال الغطاء يتطلب إعادة إدراج الطلب في قائمة الانتظار، بفترة قد تمتد إلى ما بين 30 و40 أسبوعًا، وهو ما زاد من الإحباط وأفقد الكثيرين الثقة في استجابة شاومي لمطالبهم.
ضغوط إعلامية واختبار حقيقي لسمعة شاومي في عالم السيارات
رغم الزخم الإعلامي الواسع الذي رافق إطلاق SU7 Ultra وسعرها المغري الذي يبدأ من 529,900 يوان صيني (ما يعادل نحو 275,900 ريال سعودي)، فقد كشفت الأزمة الأخيرة عن فجوة واضحة في التواصل بين شاومي وقاعدة عملائها. إذ لم يتوقّع المشترون أن يتحوّل أحد أبرز عناصر الحملة الترويجية إلى نقطة جدل تهز ثقتهم بالسيارة.
ويرى مراقبون أن جزءًا كبيرًا من هذا التأثير يعود إلى الارتباط الوثيق بين شاومي وشخصية مؤسسها "لي جون"، الذي مثّل الواجهة الإعلامية لحملة دخول الشركة إلى قطاع السيارات. ورغم أن هذه الإستراتيجية عززت من الحضور الجماهيري للعلامة في البداية، فإنها اليوم باتت مصدر ضغط مباشر، مع تصاعد مطالبات من قبل المالكين تطالبه بالوضوح والمساءلة.
الانعكاسات المستقبلية ومخاوف من تكرار الأزمات
لم يتوقف الجدل عند الغطاء الهوائي فقط، إذ سبقت هذه الواقعة انتقادات حادة بعد تعرّض سيارة SU7 لحادث على سرعة عالية، ما فتح باب التساؤلات حول دقة المصطلحات التي استخدمتها شاومي في الترويج لتقنيات القيادة. الأمر دفع الشركة، إلى جانب عدد من المنافسين، إلى استبدال تعبيرات مثل "القيادة الذاتية" بعبارات أكثر تحفظًا مثل "القيادة المساعدة"، لتفادي أي غموض قانوني أو تسويقي.
ومع اقتراب طرح أول سيارة اس يو في من شاومي تحت اسم YU7، تتزايد الضغوط على الشركة، خاصة أن هذه الفئة تشهد منافسة محتدمة من علامات قوية مثل Tesla Model Y وNIO ES6 وAITO M5. وفي ظل هذه الأجواء، يؤكد المحللون أن الأرقام وحدها لا تصنع النجاح، بل تتطلب العلامة التجارية أن تحافظ على مستوى عالٍ من الموثوقية في علاقتها مع المستهلك، وهي الثقة التي يبدو أن SU7 Ultra قد أضعفتها بشدة.
144 ورقة

بدأ حبي للسيارات من قبل دخولي عالم الصحافة والكتابة في عام 2015. ورغم كوني صيدلانية في الأساس، إلا أن هدير المحركات وأناقة التصميم ومتعة القيادة خطفت اهتمامي منذ البداية. اليوم أعيش هذا الشغف عبر استكشاف أحدث السيارات ومشاركة تجاربي مع عشاق السيارات في الخليج.