"آيرون" من إكسبينغ: روبوت بشري ذكي يعيد تعريف مستقبل صناعة السيارات

لطالما كانت فكرة الروبوتات حلماً يراود الإنسان منذ القدم، حيث تخيل القدماء آلات ذات حركة ذاتية تشبه البشر أو تؤدي مهاماً معقدة. 

فهل تحول الحلم إلى حقيقة؟

في خطوة ثورية تجمع بين عالم السيارات الكهربائية والروبوتات الذكية، كشفت شركة إكس بنج (XPeng) الصينية الرائدة في تصنيع السيارات الكهربائية عن أحدث ابتكاراتها في مجال الروبوتات البشرية، وهو الروبوت "آيرون" (Iron)، خلال فعاليات معرض شنغهاي للسيارات 2025. هذا الروبوت الذي يعمل بمعالج الذكاء الاصطناعي الخاص بإكس بنج والمعروف باسم "تورنغ AI chip"، يمثل نقلة نوعية في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع عمليات الإنتاج الصناعي، ويعكس رؤية الشركة المستقبلية في تطوير منظومة متكاملة تجمع بين التنقل الذكي والروبوتات المتقدمة.

"آيرون": روبوت بشري متطور في قلب صناعة السيارات

تم إطلاق الروبوت "آيرون" لأول مرة في نوفمبر 2024، ويعمل حالياً على خطوط إنتاج سيارات إكس بنج الكهربائية، حيث يساعد في عمليات التجميع بدقة وكفاءة عالية. يبلغ طول الروبوت 1.73 متر (5 أقدام و8 إنشات) ويزن حوالي 70 كيلوغراماً، وهو مصمم بنسبة أبعاد مشابهة للبشر، مع يدين تمتلكان 22 درجة من الحرية، ما يتيح له التعامل مع الأدوات والأجزاء بدقة متناهية ومرونة عالية.

يتميز "آيرون" بحركته السلسة والطبيعية، التي تتحقق بفضل تقنيات التعلم المعزز (Reinforcement Learning) والنماذج الكبيرة المتكاملة (End-to-End Large Models)، مما يجعله يتنقل بثبات وبدون الجمود الذي يميز الروبوتات التقليدية. هذا التطور في الحركة يجعل "آيرون" أكثر قدرة على أداء مهام معقدة في بيئات الإنتاج الصناعي.

الذكاء الاصطناعي المتقدم: دمج بين السيارات والروبوتات

يعمل "آيرون" بمعالج الذكاء الاصطناعي "تورنغ AI chip" المطور داخلياً من قبل إكس بنج، إلى جانب نظام التشغيل "تيانجي AIOS"، اللذين يوفران له قدرة معالجة ضخمة تصل إلى 3,000 تيرا عملية في الثانية (TOPS). هذا المستوى من الأداء يتيح للروبوت التعامل مع مهام الإدراك الحسي، الحركة، والتفاعل الذكي بكفاءة عالية.

ويضم الروبوت نظام رؤية متطور يُعرف باسم "عين النسر" (Eagle Eye)، يعتمد على كاميرات متقدمة توفر له وعيًا بيئيًا دقيقًا، مع قدرة على اتخاذ قرارات ذكية في الوقت الحقيقي. كما يمتلك نظام رؤية بزاوية 720 درجة، وهو نفس النظام المستخدم في تقنيات القيادة الذاتية التي تعتمد عليها سيارات إكس بنج، مما يعكس التكامل الفريد بين تقنيات التنقل الذكي والروبوتات.

التفاعل الصوتي والتواصل الذكي

ليس فقط في الحركة والإدراك يتميز "آيرون"، بل يمتلك أيضاً نظام تفاعل صوتي متطور مستوحى من نظام المقصورة الذكية في سيارات إكس بنج. هذا النظام يمكن الروبوت من إجراء محادثات طبيعية مع البشر، مع قدرة على التفكير المنطقي والاستدلال النشط، مما يجعل التفاعل بين الإنسان والروبوت أكثر سلاسة وفعالية.

كما يدمج "آيرون" تقنيات القيادة الذاتية الذكية نفسها التي تستخدمها سيارات إكس بنج، ما يجعله جسراً بين عالم السيارات الكهربائية والروبوتات الذكية، ويعزز من إمكانيات الشركة في بناء منظومة متكاملة من الأجهزة الذكية.

رؤية إكس بنج لمستقبل التنقل والروبوتات

تؤمن إكس بنج بأن "آيرون" ليس مجرد روبوت صناعي، بل هو تجسيد لرؤيتها المستقبلية التي تجمع بين التنقل الذكي والروبوتات الذكية في حياة الإنسان اليومية. تخطط الشركة لاستخدام "آيرون" كونه مساعداً شخصياً قادراً على أداء مهام الإدارة وخدمة العملاء في المتاجر، المكاتب، وحتى المنازل.

هذا التوجه يعكس تحولا جذريا في كيفية تعامل الإنسان مع التكنولوجيا، حيث يصبح الروبوت جزءاً من البيئة المحيطة، يساعد في تسهيل الحياة اليومية وتحسين جودة الخدمات.

أهمية "آيرون" في صناعة السيارات الكهربائية

يأتي "آيرون" في وقت تشهد فيه صناعة السيارات الكهربائية تنافساً محتدماً، حيث تسعى الشركات إلى تحسين جودة الإنتاج وزيادة الكفاءة. استخدام الروبوتات البشرية الذكية في خطوط الإنتاج يرفع من دقة التجميع ويقلل من الأخطاء، كما يسرع من وتيرة الإنتاج، مما يمنح إكس بنج ميزة تنافسية قوية في السوق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في الروبوتات يعزز من قدرة الشركة على الابتكار المستمر، ويدعم استراتيجيتها في تطوير سيارات كهربائية ذكية ومتطورة.

كشفت إكس بنج من خلال روبوتها "آيرون" عن مستقبل جديد لصناعة السيارات والروبوتات، حيث يلتقي الذكاء الاصطناعي المتقدم مع الإنتاج الصناعي الحديث. هذا الروبوت البشري المتطور لا يقتصر على المساعدة في خطوط الإنتاج فحسب، بل يفتح آفاقاً واسعة لاستخدام الروبوتات في الحياة اليومية، من خلال تقديم خدمات ذكية ومساعدة شخصية.

مع التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، أصبح من الممكن للروبوتات أن تحلّ تدريجياً محل الإنسان في صناعة السيارات، خصوصاً في المهام الروتينية والمتكررة التي تتطلب دقة وسرعة عالية. الروبوتات توفر جودة إنتاجية متفوقة، وتعمل لساعات طويلة دون تعب أو أخطاء بشرية، مما يجعلها خياراً مثالياً لتعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف. ومع ذلك، لا تزال هناك مهام معقدة تتطلب مرونة وحساً بشرياً يصعب على الروبوتات تقليدها بالكامل، لذا فإن التعاون بين الإنسان والروبوت يبقى ضرورياً في الوقت الحالي. في المستقبل القريب، من المتوقع أن تتوسع قدرات الروبوتات بشكل أكبر، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من خطوط الإنتاج، مما يفتح آفاقاً جديدة لصناعة سيارات أكثر تطوراً وأماناً.:

 "آيرون" هو البداية فقط، ورؤية إكس بنج تتجه نحو عالم أكثر ذكاءً وترابطاً.