أبوظبي تقود الثورة الجوية الذكية: تجربة رائدة للطائرة الكهربائية EH216-S

في خطوة تاريخية تعكس طموح إمارة أبوظبي في ريادة مستقبل النقل الحضري الذكي، شهدت الإمارة مؤخراً أول رحلة تجريبية لطائرة كهربائية عمودية ذاتية القيادة لنقل الركاب من طراز EH216-S، وذلك في إطار شراكة استراتيجية بين مكتب أبوظبي للاستثمار، وشركة "إيهانج" الصينية الرائدة في تقنيات المركبات الجوية ذاتية القيادة، ومجموعة "مالتي ليفل"، وبدعم من مجلس الأنظمة الذكية ذاتية الحركة.

رؤية مستقبلية للنقل الذكي

تأتي هذه المبادرة ضمن جهود مجمع صناعة المركبات الذكية وذاتية القيادة (SAVI) في أبوظبي، الذي يسعى لتسريع تبني حلول التنقل الذكي والمستدام، سواء على البر أو البحر أو الجو. وقد أكدت التجربة التزام الإمارة بتعزيز مكانتها كوجهة عالمية للابتكار في مجال النقل، وترسيخ دورها كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

تفاصيل الرحلة التجريبية وأهميتها

أُجريت الرحلة تحت إشراف الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات، وشكّلت فرصة مهمة للجهات التنظيمية لتقييم كفاءة الطائرة في الظروف المناخية الحارة، واختبار معايير السلامة والمتطلبات التشغيلية، وجاهزية البنية التحتية مثل المهابط العمودية المخصصة لهذا النوع من المركبات الجوية. وتعد هذه البيانات حجر الأساس لتطوير الأطر التنظيمية وإجراءات الترخيص، تمهيداً لاعتماد هذه التقنية بشكل رسمي وواسع النطاق في المستقبل.

تصميم مبتكر وتقنيات متقدمة

تتميز طائرة EH216-S بتصميم فريد يجمع بين التشغيل الذاتي الكامل ونظام الدفع الكهربائي، ما يوفر تجربة نقل جوي آمنة وخالية من الانبعاثات. الطائرة مزودة بثمانية أذرع تحمل 16 مروحة، وكل مروحة تعمل بنظام مزدوج من المحركات، ليصل العدد الإجمالي إلى 32 محركاً كهربائياً مستقلاً. هذا التصميم يضمن مستويات عالية من الأمان والكفاءة التشغيلية، ويجعل الطائرة خياراً مثالياً للبيئات الحضرية المتقدمة.

من أبرز مميزات EH216-S:

• الإقلاع والهبوط العمودي دون الحاجة إلى مدرج.
  
  

• تشغيل ذاتي بالكامل دون طيار بشري.
  
  

• انعدام الانبعاثات الكربونية وصوت منخفض أثناء التشغيل.
  
  

• قدرة على نقل راكبين، ما يجعلها مناسبة للجولات السياحية والتنقل القصير والترفيهي.
  
  

• جاهزية للاستخدام في المدن الذكية والبنى التحتية المستقبلية.
  
  

الاعتمادات والشهادات الدولية

حصلت الطائرة EH216-S على "شهادة نوع"، و"شهادة إنتاج"، و"شهادة الجدارة الجوية" من إدارة الطيران المدني في الصين، لتكون بذلك أول طائرة كهربائية عمودية بدون طيار على مستوى العالم تنال هذه الاعتمادات الرسمية. هذا الإنجاز يعكس مدى تقدم التقنية واعتماديتها، ويفتح الباب أمام تسويق واعتماد واسع النطاق لخدمات الطيران البشري منخفض الارتفاع في المنطقة والعالم.

شراكات استراتيجية وتوطين الصناعة

تسعى أبوظبي من خلال هذه التجربة إلى ترسيخ حضور شركة "إيهانج" في المنطقة عبر إنشاء مركز إقليمي ومرافق لتجميع الطائرات داخل الإمارة بالشراكة مع "أدفانسد موبيلتي هاب"، إحدى شركات "مالتي ليفل". وتهدف هذه الخطوة إلى توطين صناعة المركبات الجوية الذكية، ودعم الابتكار والتصنيع المتقدم، وتأسيس منظومة متكاملة للطائرات الكهربائية العمودية في الشرق الأوسط وإفريقيا.

انعكاسات اقتصادية واستراتيجية

يرى بدر سليم سلطان العلماء، مدير عام مكتب أبوظبي للاستثمار، أن هذا الإنجاز يعكس رؤية الإمارة الطموحة في دفع عجلة الابتكار في قطاع النقل والتنقل الذكي والمستدام، ويؤكد مكانة أبوظبي كوجهة عالمية رائدة للابتكار والصناعات المستقبلية. كما أشار محمد صلاح، الرئيس التنفيذي لـ"أدفانسد موبيلتي هاب"، إلى أن هذه التجربة تمثل محطة محورية في الشراكة مع "إيهانج"، وتؤسس لمرحلة جديدة من التنقل الذكي والمستدام في المنطقة.

نحو مستقبل النقل الجوي الحضري

تؤكد تجربة الطائرة EH216-S أن أبوظبي تسير بخطى واثقة نحو مستقبل يعتمد على حلول النقل الذكي والمستدام، مع التركيز على توطين التقنيات المتقدمة، وتوفير بيئة تنظيمية وتشغيلية داعمة للابتكار. ومن المتوقع أن تساهم هذه المبادرات في تحفيز الاستثمار، وتوفير فرص عمل نوعية، وتعزيز تنافسية الإمارة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

في الختام، تثبت أبوظبي من خلال هذه الخطوة أنها ليست مجرد مستهلك للتقنيات الحديثة، بل أصبحت مركزاً عالمياً لتطوير وتوطين حلول النقل الجوي الذكي، ما يمهد الطريق لعصر جديد من التنقل الحضري المستدام والآمن.