- التخفيضات الكبيرة لا تعني دائمًا النجاح
- دعوات رسمية لضبط الفوضى في السوق
- استراتيجية عالمية تتجه نحو أوروبا
- توازن جديد بين الطموح والجودة
وسط اشتداد المنافسة بين شركات السيارات الكهربائية في الصين، أطلقت شركة بي واي دي تحذيرًا واضحًا من تداعيات ما أصبح يُعرف بـ حرب الأسعار، والتي باتت تهيمن على توجهات التسعير داخل أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم. وفي لقاء مع وكالة بلومبرغ في لندن، صرحت ستيلا لي، النائبة التنفيذية لرئيس الشركة، أن هذا النوع من المنافسة بلغ مستوى غير قابل للاستدامة، محذرة من تأثيره السلبي على استقرار السوق وقدرة الشركات على تحقيق نمو حقيقي ومستدام.
التخفيضات الكبيرة لا تعني دائمًا النجاح
كشفت لي أن المنافسة في السوق الصينية خرجت عن الإطار التقليدي، حيث لم تعد محصورة في الابتكار أو القيمة المضافة، بل تحولت إلى سباق محموم نحو تخفيض الأسعار. وأوضحت أن بي واي دي تتعرض لمحاولات تقليد متكررة، إذ تُطلق الشركة طرازًا جديدًا فيتبعه سريعًا منافسون بموديلات مماثلة أكبر حجمًا وأرخص ثمنًا بما يصل إلى 20,000 يوان صيني (10,438 ريال).
وفي مواجهة هذا الواقع، لجأت بي واي دي إلى تنفيذ واحدة من أضخم حملاتها السعرية، فأعلنت في نهاية مايو عن تخفيضات على 22 طرازًا من سياراتها، شملت نسبًا تجاوزت 30% في بعض الفئات. وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي الشركة لبلوغ هدف مبيعات يبلغ 5.5 مليون سيارة في عام 2025، بزيادة 30% عن العام الماضي. ومع ذلك، أظهرت بيانات دويتشه بنك أن مبيعات بي واي دي خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام لم تسجل سوى نمو بنسبة 15%، ما يعكس تباطؤ السوق رغم الجهود التسويقية الكثيفة.
دعوات رسمية لضبط الفوضى في السوق
لم تمر هذه التحولات دون تدخل رسمي، فقد أصدرت الجمعية الصينية لمصنعي السيارات بيانًا في 31 مايو دعت فيه إلى وقف هذه الحرب السعرية التي وصفتها بـ غير المنظمة، مؤكدة أن مثل هذا التوجه يخلق بيئة غير صحية ويضغط بشدة على هوامش الربح، ويهدد بإخراج العديد من الشركات الناشئة من السوق.
وتتفق بي واي دي مع هذا التقييم، إذ ترى أن الإصرار على خفض الأسعار قد يُرضي السوق لفترة قصيرة، لكنه يضعف جودة المنتج ويقلل من الإنفاق على البحث والتطوير، ما يهدد مستقبل الابتكار في القطاع. وأكدت لي أن البقاء في مثل هذا السياق يتطلب حلولًا استراتيجية بعيدة المدى، وليس مجرد مجاراة المنافسة السعرية.
استراتيجية عالمية تتجه نحو أوروبا
في ظل هذا الواقع الضاغط، بدأت بي واي دي بتحويل بوصلتها الاستثمارية نحو الأسواق الخارجية، وتحديدًا السوق الأوروبية. وأشارت لي إلى أن الشركة تخطط لضخ استثمارات تصل إلى 20 مليار دولار في أوروبا خلال السنوات المقبلة، في خطوة تهدف إلى تعزيز وجود العلامة الصينية في منطقة تشهد تحولًا سريعًا نحو اعتماد السيارات الكهربائية.
وعلى عكس بعض منافسيها مثل إكس بينج وLeapmotor، أكدت بي واي دي أنها لا تخطط حاليًا للدخول في شراكات مع شركات تصنيع أوروبية، مفضلة الحفاظ على استقلاليتها والاعتماد على بنيتها الإنتاجية وتقنياتها الخاصة.
توازن جديد بين الطموح والجودة
تعكس تحركات بي واي دي فهمًا عميقًا لتغيرات السوق العالمية، إذ لم تعد المنافسة قائمة فقط على خفض الأسعار، بل على تقديم منتج متكامل يجمع بين الكفاءة والجودة واستدامة الأداء. فبينما تسعى بعض الشركات لاكتساب حصة سوقية عبر التخفيضات السريعة، تركز بي واي دي على بناء حضور قوي في أسواق واعدة، حيث يمكنها النمو بعيدًا عن ضغط التقليد والمنافسة غير المتوازنة.
ويبدو أن المرحلة القادمة في قطاع السيارات الكهربائية لن تحسمها الأسعار المنخفضة فحسب، بل ستُبنى على قدرة العلامات الكبرى على الجمع بين الابتكار، والمرونة، والرؤية طويلة المدى. بي واي دي تدرك ذلك جيدًا، وتسير في طريقها لتكون لاعبًا عالميًا لا يعتمد فقط على سعر المنتج، بل على قيمته الشاملة وجودته واستقراره.