كارتيأخبارأخبار السياراتأنظمة مساعدة السائق: بين تعزيز الأمان وارتفاع تكاليف التأمين

أنظمة مساعدة السائق: بين تعزيز الأمان وارتفاع تكاليف التأمين

user-avatar
تمارا شلق
2025-06-02
الفهرس

شهد قطاع السيارات في السنوات الأخيرة ثورة تقنية هائلة، كان من أبرز ملامحها انتشار أنظمة مساعدة السائق المتقدمة (ADAS) مثل الكبح التلقائي للطوارئ، والتنبيه عند الخروج عن المسار، والمساعدة في الركن، وغيرها من التقنيات التي تهدف إلى تقليل الحوادث وتعزيز سلامة السائقين والركاب. ورغم أن هذه الأنظمة صُممت في الأساس لإنقاذ الأرواح وتسهيل القيادة، إلا أنها أدت إلى نتيجة غير متوقعة: ارتفاع ملحوظ في تكاليف التأمين على السيارات.

أنظمة مساعدة السائق: بين تعزيز الأمان وارتفاع تكاليف التأمين

مفارقة الأمان: لماذا ترتفع الأسعار رغم انخفاض الحوادث؟

من المنطقي أن نتوقع انخفاض أقساط التأمين مع تراجع الحوادث بفضل هذه الأنظمة الذكية. لكن الواقع أكثر تعقيداً. تشير الدراسات الحديثة إلى أن أنظمة مثل الكبح التلقائي للطوارئ ساهمت بالفعل في تقليل عدد المطالبات التأمينية بنسبة تصل إلى 25% في المملكة المتحدة، إلا أن تكلفة هذه المطالبات ارتفعت في المقابل بنسبة 60% خلال نفس الفترة الزمنية.

السبب الرئيسي يعود إلى تعقيد وارتفاع تكلفة إصلاح هذه الأنظمة. فالكاميرات، والرادارات، وحساسات الليدار، وغيرها من المكونات الإلكترونية الدقيقة، ليست فقط باهظة الثمن، بل تتطلب أيضاً عمليات معايرة دقيقة للغاية بعد أي حادث أو حتى تغيير بسيط في الهيكل.

إصلاح مكلف ومعايرة معقدة

لا تقتصر المشكلة على تكلفة استبدال المستشعرات أو الكاميرات، بل تمتد إلى الحاجة لمعايرتها بشكل مثالي في مراكز متخصصة. فبحسب الخبراء، انحراف المستشعر بدرجة واحدة فقط (أي بسمك بطاقة عمل تقريباً) قد يؤدي إلى خطأ في قراءة المسافة يصل إلى 1.7 متر عند مسافة 100 ياردة. هذا المستوى من الدقة يتطلب تجهيزات متقدمة مثل أرضيات مستوية تماماً، إضاءة مثالية، وأهداف معايرة خاصة بكل شركة تصنيع.

كل هذه المتطلبات تجعل عدد الورش القادرة على إصلاح ومعايرة هذه الأنظمة محدوداً جداً، كما أن تكلفة تجهيز مركز صيانة بمثل هذه المعدات قد تصل إلى مليون دولار، ما ينعكس بشكل مباشر على فاتورة الإصلاح النهائي التي يتحملها مالك السيارة أو شركة التأمين.

التأمين يدفع الثمن... حتى لو لم يستفد السائق!

مفارقة أخرى تبرز في هذا السياق، وهي أن بعض السائقين يختارون إيقاف أو تعطيل أنظمة المساعدة بسبب الإزعاج أو التنبيهات المتكررة. لكن في حال وقوع حادث، تظل شركات التأمين مطالبة بإصلاح أو استبدال هذه الأنظمة، حتى لو لم يكن السائق يستخدمها فعلياً. هذا يرفع من متوسط تكلفة المطالبات التأمينية، ويزيد من الأعباء على الجميع.

أرقام قياسية في أسعار التأمين وتكلفة الملكية

تشير الدراسات إلى أن متوسط تكلفة التأمين على السيارات في الولايات المتحدة مرشح للوصول إلى مستوى قياسي يبلغ 2100 دولار سنوياً. ويرجع جزء كبير من هذا الارتفاع إلى التكنولوجيا المتقدمة التي أصبحت قياسية في معظم السيارات الجديدة، ما يعني أن كل حادث، مهما كان بسيطاً، قد يتطلب إصلاحات إلكترونية باهظة.

ولا تقتصر المشكلة على التأمين فقط، بل تشمل أيضاً التكلفة الإجمالية لامتلاك سيارة جديدة. فبحسب دراسة حديثة لمنظمة AAA، ارتفع متوسط التكلفة السنوية لامتلاك وتشغيل سيارة جديدة إلى أكثر من 12,297 دولار، أي حوالي 1,025 دولار شهرياً، بزيادة قدرها 115 دولاراً عن العام السابق. 

هل هناك حلول في الأفق؟

أنظمة مساعدة السائق: بين تعزيز الأمان وارتفاع تكاليف التأمين

يواجه قطاع التأمين تحدياً كبيراً في كيفية موازنة فوائد الأمان التي توفرها أنظمة مساعدة السائق مع التكاليف المرتفعة لإصلاحها. بعض شركات التأمين بدأت في تقديم خصومات للسائقين الذين يثبتون استخدامهم الفعلي لهذه الأنظمة، أو يلتزمون بالصيانة الدورية لها. كما أن شركات السيارات تعمل على تطوير مكونات أكثر متانة وأقل تكلفة في الإصلاح.

من جهة أخرى، قد يدفع هذا الواقع المستهلكين إلى التفكير ملياً قبل اختيار سيارات مجهزة بأحدث الأنظمة، خاصة إذا كانت تكلفة التأمين عاملاً حاسماً في قرار الشراء.

رغم أن أنظمة مساعدة السائق تمثل قفزة نوعية في مجال الأمان على الطرقات، إلا أن الجانب الاقتصادي لإصلاحها وصيانتها لا يزال يمثل تحدياً كبيراً لصناعة التأمين ولمالكي السيارات على حد سواء. ومع استمرار تطور هذه التقنيات، يبقى التوازن بين السلامة والتكلفة هدفاً مشتركاً لصانعي السيارات وشركات التأمين والمستهلكين في السنوات القادمة.

تمارا شلقتمارا شلق
معلومات رئيس التحرير:

تمارا محررة تعمل في مجال السيارات منذ أكثر من ثلاث سنوات. وهي أيضاً صانعة محتوى في مجال السيارات، تنشر مراجعات ونصائح للسيارات على منصاتها للتواصل الاجتماعي. حاصلة على شهادة في الترجمة، وتعمل أيضاً كمترجمة مستقلة، وكاتبة إعلانات، ومؤدية صوتية، ومحررة فيديو. خضعت لدورات في أجهزة فحص السيارات OBD وتشخيص الأعطال، وعملت أيضاً كمندوبة مبيعات سيارات لمدة عام، بالإضافة إلى تدريبها في شركة سكودا لبنان لمدة شهرين. كما تعمل في مجال التسويق منذ أكثر من عامين، وتُنشئ محتوى على منصات التواصل الاجتماعي للشركات الصغيرة.

السابق: السيارات التجريبية: مختبرات التصميم والابتكار التي ترسم مستقبل السياراتالتالي: سيارة ألفا روميو TZ3 زاغاتو: أيقونة نادرة تجمع بين الفخامة والقوة مع محرك دودج فايبر معروضة للبيع