هدى المطروشي تفتح آفاقا للسيدات في قطاع السيارات في الإمارات

في قطاع تقليدي يهيمن عليه الرجال، تشرق هدى المطروشي كرمز للتحدي والابتكار داخل قطاع السيارات بدولة الإمارات. ولما بلغت السادسة والثلاثين، كسرت المطروشي الحواجز الاجتماعية وأرست نموذجاً يُحتذى به لكل سيدة تطمح إلى احتراف المهن التقنية والفنية. تلهم قصة هدى بعزيمتها وشغفها، وتؤكد قدرة الإرادة على تحويل الأحلام إلى واقع ملموس مع الاحتفاظ بالاحترافية وروح المبادرة.

من هي هدى المطروشي

نشأت هدى في أسرة تحفّز على طلب العلم واكتشاف الجديد، وعندما كانت طفلة وجدت شغفها بمحركات السيارات. بدلاً من الألعاب التقليدية، كانت تفكك قطع الألعاب الميكانيكية ثم تعيد تركيبها لتعرف كيفية عملها. رافقها فضول دائم طوال مراحل نموها، فدرست أساسيات الميكانيكا وتقنيات السيارات بعزيمة لا تلين. برهنت على سرعتها في التعلم وتبنّت منهجية تحليلية مكنتها من إتقان مهارات كانت في السابق حكراً على أصحاب الخبرة الطويلة.

شغف يقود التغيير

نظّمت هدى ورش عمل ودورات تقنية لتعزيز مهاراتها، حيث شكّل حبّها للسيارات أساساً متيناً لرؤيتها المهنية. لم تثنّها التوقعات النمطية عن مواصلة هواها، بل حفّزتها على اكتساب خبرات جديدة والحصول على شهادات متخصصة في صيانة المحركات وإدارة ورش الإصلاح. ومع انشغالها ساعات طويلة في فهم أدقّ تفاصيل السيارات، أصبح هذا الدافع القوي ركيزةً لإرساء مسار مهني مغاير للروتين المعتاد في سوق العمل.

انطلاق كراج الهدى

افتتحت هدى في الشارقة العام الماضي ورشة متكاملة أطلقت عليها اسم كراج الهدى. تجاوز كراج الهدى مفهوم الإصلاح التقليدي فصار مقصد عشاق السيارات المتطلعين إلى الجودة والاحترافية. اختارت هدى فريقاً فنياً ذا خبرات عالية، وجهزت ورشتها بأحدث المعدات والتقنيات لتلبية متطلبات العملاء بدقة.

حرصت على توفير تجربة راقية للزوار منذ استقبالهم وحتى تسليم سيارتهم بعد إتمام الخدمات المحددة. وقد أسهم هذا الحرص على التفاصيل في جعل الورشة الوجهة الأولى لأصحاب السيارات الفاخرة والقوية الباحثين عن أعلى مستويات العناية بسياراتهم.

أثر هدى في المجتمع

لم تقتصر قيادة هدى للمشروع على الكفاءة فحسب، بل توسعت مساهماتها لتشجيع المرأة على اقتحام المجالات التقنية. تشارك بانتظام في فعاليات توعوية وتدريبية موجهة للفتيات والنساء، تعرض فيها تجربتها الشخصية وتزودهن بإرشادات عملية لبناء مسار مهني ناجح في قطاعات يهيمن عليها الرجال.

تؤمن هدى بأهمية التوجيه المهني، فتخصص جزءاً من وقتها للقاء الشابات الطموحات لاستكشاف أسرار العمل في ورش السيارات، وتتيح لهن فرص تدريب عملي يساهم في صقل مهاراتهن وتوسيع شبكة علاقاتهن مع خبراء الصناعة.

رؤية نحو مستقبل شامل

تؤمن هدى المطروشي بأن الابتكار لا يقتصر على حدود الورشة، بل يحتاج إلى دعم مؤسسي يعزّز مشاركة المرأة في المجالات الفنية والتقنية. لذا بادرت بالتعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص لإطلاق مبادرات وشراكات تفتح آفاقًا جديدة للراغبات في دخول ميادين كانت حكرًا على الرجال. تؤكد هدى أن هذه الجهود ستسهم في صقل الكفاءات وتحقيق نموٍّ مستدام لصناعة السيارات، كما ستعزّز مكانة الإمارات كمركز إقليمي يحتضن التنوع ويعزّز التكامل في سوق العمل.

تجسّد مسيرة هدى المطروشي مثالًا حيًا على أن العزيمة والشغف قادران على كسر القيود وتوسيع نطاق الفرص. بفضل إصرارها ورؤيتها، لم يعد مجال السيارات حكرًا على جنس دون آخر، بل أصبح منصة للتألق المهني لكل امرأة تحمل الشغف والرغبة في التعلم والانطلاق. تبدو آفاق هذا القطاع في الإمارات أكثر إشراقًا اليوم بفضل رائدات أمثال هدى المطروشي اللاتي يمهدن طريق التغيير للأجيال القادمة.