- القصة الكلاسيكية: الرعب على الطريق
- تعدد الروايات وتغير التفاصيل
- هل هناك أصل حقيقي للأسطورة؟
- دور الفولكلور في انتشار الأسطورة
- رمزية الأسطورة وتحليلها
- الأسطورة في الثقافة الشعبية
- لماذا تستمر هذه الأسطورة؟
تنتشر في الولايات المتحدة وكندا، وربما في أنحاء أخرى من العالم، واحدة من أكثر الأساطير الحضرية رعبًا وإثارة للقلق: "القاتل في المقعد الخلفي". رغم بساطة فكرتها، إلا أن هذه القصة تثير الخوف في نفوس السائقين، خاصة عند قيادة السيارة ليلًا في طرقات خالية. فما أصل هذه الأسطورة؟ ولماذا لا تزال حية في الذاكرة الجماعية حتى اليوم؟
القصة الكلاسيكية: الرعب على الطريق
تدور القصة الأشهر حول امرأة تغادر عملها متأخرة في الليل، لتسلك طريقًا مظلمًا نحو منزلها. تتوقف في محطة وقود لشراء القهوة وتعبئة الوقود، ثم تواصل رحلتها. بعد دقائق، تلاحظ سيارة خلفها تلاحقها وتومض بالأضواء العالية بشكل متكرر. تشعر بالخوف وتحاول الإسراع للهروب، لكن السيارة تواصل المطاردة وتزداد عدوانية.
عندما تصل أخيرًا إلى منزلها، تندفع إلى الداخل مذعورة، لتجد أن السيارة التي كانت تلاحقها توقفت أمام منزلها. يخرج منها رجل يصرخ مطالبًا إياها بالاتصال بالشرطة. وبينما هي في حيرة، يُفتح باب سيارتها الخلفي ويخرج رجل يرتدي معطفًا أسود ويحمل فأسًا. في بعض الروايات، ينجو الرجل الذي حاول تحذيرها، وفي أخرى يُقتل هو أيضًا. وفي النهاية، غالبًا ما تُكتشف المرأة في اليوم التالي مقتولة في منزلها، بينما يختفي القاتل دون أثر.
تعدد الروايات وتغير التفاصيل
هناك نسخ عديدة من هذه الأسطورة. أحيانًا تكتشف المرأة وجود القاتل في المقعد الخلفي أثناء القيادة بفضل الأضواء العالية التي كان السائق الآخر يستخدمها لتنبيهها، وأحيانًا يكون عامل المحطة هو من يلاحظ الخطر ويستدعيها للداخل بحجة وجود مشكلة في بطاقتها الائتمانية، ليحذرها من وجود رجل مختبئ في سيارتها.
ورغم اختلاف التفاصيل، يبقى العنصر الأساسي ثابتًا: قاتل مختبئ في المقعد الخلفي، وضحية لا تدرك الخطر إلا في اللحظة الأخيرة.
هل هناك أصل حقيقي للأسطورة؟
تساءل كثيرون عما إذا كانت هذه القصة مبنية على حادثة حقيقية. تشير بعض المصادر إلى مقالات إخبارية تعود إلى عام 1991، بل وحتى إلى عام 1935، تروي حوادث مشابهة. كما وثّق مركز أبحاث الفولكلور في جامعة إنديانا قصة مشابهة نشرت عام 1968 في ولاية يوتا، لكنها كانت أقل دموية من النسخ الحديثة.
ومع ذلك، لم يُعثر على دليل قاطع يثبت وقوع حادثة مطابقة، ما يعزز فكرة أن الأسطورة تطورت مع الزمن، مستندة إلى مخاوف حقيقية من المجهول والمفاجآت غير المتوقعة في الحياة اليومية.
دور الفولكلور في انتشار الأسطورة
ساهم الباحث الأمريكي جان هارولد برونفاند في شهرة هذه الأسطورة وغيرها من القصص الحضرية من خلال كتبه التي بدأها عام 1981 بكتاب "الراكب المتلاشي: أساطير حضرية أمريكية ومعانيها". برونفاند كان يرى أن الفولكلور ليس حكرًا على الماضي أو المجتمعات الريفية، بل يعيش ويتجدد في المجتمعات الحديثة عبر القصص التي يتناقلها الناس شفهيًا أو عبر وسائل الإعلام.
رمزية الأسطورة وتحليلها
تتكرر في معظم نسخ القصة عناصر ثابتة: الضحية امرأة، القاتل رجل، والمطاردة تحدث ليلًا. يرى بعض الباحثين أن هذه التفاصيل تعكس مخاوف اجتماعية أعمق، مثل الخوف من الوحدة، أو تهديد الغرباء، أو حتى قضايا النوع الاجتماعي. وقد أشار موقع "سنوبس" إلى أن القصة تحمل في طياتها بعض التحيزات الجنسية، حيث تظهر المرأة دائمًا كضحية والرجل كمنقذ أو مجرم.
الأسطورة في الثقافة الشعبية
لم تقتصر شهرة "القاتل في المقعد الخلفي" على القصص المتداولة، بل ظهرت في أفلام الرعب مثل فيلم "Urban Legend" عام 1998، وفي العديد من الأعمال الأدبية والسينمائية القصيرة. كما أصبحت مصدر إلهام لصانعي الأفلام والكتاب الذين يستلهمون منها قصصًا جديدة تعكس مخاوف العصر الحديث.
لماذا تستمر هذه الأسطورة؟
تستمر الأساطير الحضرية مثل "القاتل في المقعد الخلفي" لأنها تلبي حاجة الإنسان الدائمة لسرد القصص ومواجهة المخاوف عبر الخيال. ومع تطور التكنولوجيا وتغير وسائل النقل، قد تتغير تفاصيل الأسطورة، لكن جوهرها سيظل حيًا: الخوف من المفاجآت القاتلة التي قد تختبئ في أكثر الأماكن أمانًا.
ربما في المستقبل، سنسمع عن "قاتل في المقعد الخلفي" لمركبة فضائية أو سيارة ذاتية القيادة. لكن حتى ذلك الحين، ستظل هذه الأسطورة تذكيرًا لنا بأن الحذر لا يغني عن القدر، وأن القصص المخيفة ستبقى جزءًا من ثقافتنا مهما تغير الزمن.