هل تواجه أوروبا خطر انهيار صناعة السيارات؟ تحذير صادم من مرسيدس

تعيش صناعة السيارات الأوروبية اليوم لحظة فارقة، مع تزايد الضغوط للتحول نحو السيارات الكهربائية بشكل كامل. وبينما كان ينظر إلى هذا التحول قبل سنوات قليلة كخطة طموحة، جاء تصريح الرئيس التنفيذي لشركة مرسيدس ليقلب الموازين. فقد حذر من أن الاستغناء الكامل عن محركات الاحتراق الداخلي قد يقود إلى انهيار صناعة السيارات في أوروبا خلال العقد المقبل.

رئيس مرسيدس يطلق تحذيراً صادماً عن المستقبل

في مقابلة مع صحيفة هاندلزبلات الألمانية، صرح أولا كالينيوس، الرئيس التنفيذي لمرسيدس ورئيس رابطة مصنّعي السيارات الأوروبية (ACEA)، بأن الاستمرار في خطط الاتحاد الأوروبي لحظر بيع السيارات الجديدة بمحركات الاحتراق اعتباراً من 2035 سيكون بمثابة تهديد وجودي للصناعة.

وقال كالينيوس:

• "نحن بحاجة إلى فحص للواقع. وإلا فنحن نتجه بأقصى سرعة نحو الحائط."

• "من المؤكد أنه يجب خفض الانبعاثات الكربونية، لكن يجب أن يتم ذلك بطريقة محايدة تكنولوجياً."

• "إذا تم المضي قدماً في الحظر، فسيتجه المستهلكون إلى شراء سيارات البنزين والديزل قبل الموعد النهائي، وهذا لن يخدم المناخ إطلاقاً."

هذا الموقف المفاجئ من مرسيدس يعكس حجم القلق المتزايد داخل الصناعة من سرعة التحولات المفروضة دون مراعاة جاهزية الأسواق والمستهلكين.

الأرقام تكشف عن فجوة كبيرة بين الطموح والواقع

على الرغم من أهداف الاتحاد الأوروبي لرفع حصة السيارات الكهربائية إلى 100% من المبيعات بحلول منتصف العقد المقبل، فإن الأرقام الحالية لا تدعم هذا التوجه.

• في النصف الأول من هذا العام، شكلت السيارات الكهربائية فقط 17.5% من إجمالي المبيعات في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ودول الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة (آيسلندا، ليختنشتاين، النرويج، سويسرا).

• بلغت حصة السيارات الهجينة القابلة للشحن 8.7% فقط.

• بينما استحوذت السيارات الهجينة التقليدية على 35%، بما في ذلك أنظمة "الهجين الخفيف" التي يشكك كثيرون في اعتبارها هجائن حقيقية.

أما بالنسبة لمرسيدس نفسها، فقد تراجعت مبيعات سياراتها الكهربائية الصافية إلى 8.4% من إجمالي شحناتها العالمية في النصف الأول من 2025، بعد أن كانت 9.7% في الفترة نفسها من 2024. وحتى مع احتساب الطرازات الهجينة القابلة للشحن، لم تتجاوز نسبة السيارات الكهربائية 20.1% من مبيعاتها خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام.

هذه الأرقام تكشف عن فجوة واسعة بين الطموحات الأوروبية والطلب الفعلي في الأسواق، ما يزيد من المخاوف حول قدرة الشركات على الالتزام بالجدول الزمني للحظر.

مراجعة محتملة لحظر محركات الاحتراق

رغم أن الاتحاد الأوروبي أقر هدف الوصول إلى انبعاثات صفرية للسيارات الجديدة بحلول 2035، فإن القرار ما زال يخضع للمراجعة خلال الأشهر المقبلة.

• المفوضية الأوروبية أكدت في مارس الماضي التزامها بهدف الانبعاثات الصفرية.

• كما أعلنت أنها ستسرع في مراجعة معايير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للسيارات والشاحنات الخفيفة.

• هذا قد يفتح الباب أمام إعادة تقييم الحظر في وقت أبكر من المتوقع.

في الوقت نفسه، يشهد العالم تباطؤاً ملحوظاً في نمو الطلب على السيارات الكهربائية، ليس فقط في أوروبا، بل أيضاً في أسواق رئيسية مثل الصين والولايات المتحدة. ومع تزايد المنافسة وارتفاع تكاليف الإنتاج، يصبح مستقبل التحول الكامل إلى السيارات الكهربائية أكثر غموضاً.

مستقبل الصناعة الأوروبية بين الطموح والواقع

تصريحات مرسيدس الأخيرة تكشف عن صراع واضح بين الرؤية السياسية للاتحاد الأوروبي والواقع العملي لصناعة السيارات. فبينما تدفع السياسات نحو استبدال شامل للسيارات بمحركات كهربائية، تواجه الشركات صعوبة في مواكبة ذلك وسط تباطؤ المبيعات وتفضيل المستهلكين للاستمرار في شراء سيارات البنزين والديزل.

يبقى السؤال الآن: هل ستعيد أوروبا النظر في قرارها وتتبنى نهجاً أكثر مرونة يوازن بين حماية المناخ والحفاظ على الصناعة، أم ستستمر في السير بسرعة نحو مستقبل قد يهدد أسس أحد أهم القطاعات الاقتصادية في القارة؟