كارتيأخبارعالم السياراتأسطورة لامبورغيني من الجرارات إلى السوبركار: كيف تحوّل خلاف مع فيراري إلى إمبراطورية الثور الهائج

أسطورة لامبورغيني من الجرارات إلى السوبركار: كيف تحوّل خلاف مع فيراري إلى إمبراطورية الثور الهائج

تمارا شلق
تمارا شلق
تم النشر: 2025-12-12
تحديث: 2025-12-12
الفهرس

لامبورغيني اليوم واحدة من أشهر علامات السوبركار في العالم، لكن بدايتها لم تكن في حلبات السباق ولا في مصانع المحركات الرياضية، بل في حقول الزراعة الإيطالية وبين الجرارات. قصة تأسيس الشركة هي حكاية رجل أعمال عملي اسمه فيرّوتشيو لامبورغيني، رأى أن بإمكانه صنع سيارة رياضية أفضل مما يقدمه منافسوه، فتحول من “ملك الجرارات” إلى مؤسس واحدة من أعنف سيارات الطريق في التاريخ.

من ميكانيكي حرب إلى “ملك الجرارات”

وُلد فيرّوتشيو لامبورغيني عام 1916 في عائلة تعمل بالزراعة في إيطاليا، لكن اهتمامه كان موجهاً دائماً نحو الآلات أكثر من الزراعة نفسها. خلال الحرب العالمية الثانية عمل كميكانيكي في القوات المسلحة، فاكتسب خبرة عملية كبيرة في التعامل مع المحركات وأنظمة الدفع في المركبات العسكرية الثقيلة.

بعد نهاية الحرب، استغل وجود كميات كبيرة من المعدات العسكرية الفائضة، وبدأ يفككها ويحوّلها إلى جرارات بسيطة وبأسعار مناسبة للمزارعين الذين كانوا في أمسّ الحاجة إلى حلول ميكانيكية رخيصة لرفع إنتاجهم. في عام 1948 أسس شركة Lamborghini Trattori، والتي تطورت سريعاً من ورشة صغيرة إلى مصنع ينتج مئات ثم آلاف الجرارات في أوائل الخمسينيات، لتصبح إحدى علامات الجرارات البارزة في السوق الإيطالي.

تنويع الأعمال وبداية الشغف بالسيارات الرياضية

لم يتوقف نشاط فيرّوتشيو عند الجرارات؛ في الخمسينيات أسس أيضاً شركة لأنظمة التدفئة والتكييف، ما عزز مكانته كرجل أعمال ناجح متعدد المجالات. ومع تحسن أوضاعه المالية بدأ يحقق حلمه الشخصي باقتناء سيارات رياضية وفاخرة، فامتلك عدة طرازات من فيراري ومازيراتي ومرسيدس وغيرها.

لكن تجربته مع بعض سيارات فيراري لم تكن مثالية من وجهة نظره؛ كان يرى أنها سريعة وممتعة على الطريق المفتوح، لكنها متعبة وغير مريحة في الاستخدام اليومي، وتعاني من بعض مشاكل الاعتمادية، خاصة على مستوى الكلتش. هذا الاحتكاك بين توقعات رجل أعمال ناجح يريد سيارة GT فاخرة ومريحة، وبين واقع سيارة رياضية قريبة من روح سيارات السباق، زرع لديه فكرة أن هناك مساحة لعلامة جديدة بفلسفة مختلفة.

“الخلاف مع فيراري”: أسطورة التأسيس

الرواية الشعبية الأكثر شهرة تقول إن فيرّوتشيو ذهب إلى إنزو فيراري ليشتكي من تكرار أعطال الكلتش في سيارته فيراري، ليكتشف أن الشركة تستخدم نفس نوع الكلتش الذي يستعمله هو في جراراته. اعترض على ذلك، فقيل إن إنزو رد عليه برد قاسٍ من نوع: “ابقَ في الجرارات ودعنا نصنع السيارات الرياضية”، ما اعتبره فيرّوتشيو إهانة مباشرة.

المؤرخون يشيرون إلى أن تفاصيل هذا الحوار قد تكون أخذت شكلاً أسطورياً مع الزمن، لكن الجوهر ثابت: فيرّوتشيو كان غير راضٍ عن تجربة فيراري اليومية، واعتقد أن بإمكانه تقديم سيارة رياضية Grand Tourer تجمع بين الأداء العالي والراحة والاعتمادية بشكل أفضل. هذه القناعة كانت الشرارة الحقيقية التي دفعته لدخول عالم السيارات الرياضية.

تأسيس Automobili Lamborghini في سانت أغاتا

في عام 1963 قرر فيرّوتشيو الانتقال من الكلام إلى الفعل، فأسس شركة Automobili Ferruccio Lamborghini في بلدة سانت أغاتا بولونييز، الواقعة بين بولونيا ومودينا، في قلب المنطقة التي تحتضن أيضاً فيراري ومازيراتي وغيرهما من صناع السيارات الإيطالية عالية الأداء. اختيار الموقع لم يكن مصادفة؛ فقد وضعه وسط شبكة من الموردين والمهندسين والمصممين المتخصصين في السيارات الرياضية.

منذ البداية، كانت فلسفة لامبورغيني مختلفة عن فيراري:

  • التركيز على سيارات GT فاخرة وسريعة، لكن أكثر راحة ونعومة للاستخدام اليومي.

  • الابتعاد عن فكرة “سيارة سباق مرخصة للطريق” إلى مفهوم “سيارة سياحية رياضية” يمكن قيادتها لساعات طويلة دون إنهاك السائق.

350 GTV ثم الانتقال إلى 350 GT الإنتاجية

أول مشروع للشركة الجديدة كان النموذج الاختباري Lamborghini 350 GTV، الذي عُرض في 1963 بمحرك V12 من تصميم المهندس جيّوتو بيتزارّيني، الذي سبق له العمل في فيراري. كان المحرك قوياً وعالي الدوران، أقرب لفلسفة المحركات المخصصة للسباقات، لكن السيارة كنموذج كامل لم تكن جاهزة فعلياً للإنتاج التجاري؛ إعدادها معقد، ومقصورتها ليست بالقدر الكافي من النضج لسيارة GT.

استدعى فيرّوتشيو فريقاً هندسياً شاباً ضم جان باولو دالّارا وباولو ستانزاني وغيرهما، وأوكل إليهم مهمة “تهذيب” المشروع ليصلح للإنتاج. أعيد ضبط المحرك V12 ليصبح أكثر ملاءمة للاستخدام على الطرق العامة، كما جرى تعديل الهيكل والتصميم ليتحول النموذج إلى سيارة جاهزة للزبائن تحت اسم 350 GT، والتي ظهرت رسمياً عام 1964.

350 GT قدمت ما كان فيرّوتشيو يبحث عنه:

  • محرك V12 قوي وسلس.

  • تصميم أنيق ومقصورة فاخرة نسبياً.

  • تجربة قيادة أقرب لسيارة Grand Tourer راقية من كونها سيارة سباق متطرفة.

استقبال الصحافة والجمهور كان إيجابياً، وأثبت أن لامبورغيني ليست مجرد مشروع جانبي لرجل أعمال ناجح، بل علامة قادرة على منافسة أعرق الأسماء في فئة GT.

400 GT وتعزيز الحضور في فئة GT

بعد النجاح المبدئي لـ350 GT، قدّمت لامبورغيني طراز 400 GT 2+2 في 1966، مع محرك V12 أكبر وحجرة قيادة تستوعب 2+2 مقاعد، لتستهدف عملاء يريدون مزيجاً من الأداء والعملية والمساحة الإضافية. بهذا تحولت لامبورغيني خلال سنوات قليلة إلى لاعب معترف به في سوق سيارات GT الفاخرة، وليس مجرد مغامر جديد.

400 GT عززت صورة العلامة كخيار لمن يريد سيارة سريعة جداً، لكن مع مقصورة راقية وصالحة للاستخدام اليومي أو السفر لمسافات طويلة، وهو بالضبط ما كان يفتقده فيرّوتشيو في تجربة فيراري من قبل.

ميورا: النقلة من GT إلى السوبركار

نقطة التحول الحقيقية في تاريخ لامبورغيني جاءت عام 1966 مع تقديم Lamborghini Miura P400، السيارة التي تُعدها مصادر كثيرة أول “سوبركار” إنتاجية بالمفهوم الحديث: محرك V12 وسطي خلفي بوضعية عرضية، هيكل خفيف نسبياً، وتصميم ثوري من بيرتوني ومارسيلو جانديني.

ما الذي جعل ميورا مختلفة؟

  • نقل المحرك إلى الوضعية الوسطى خلف المقصورة، وهي فلسفة كانت تُستخدم في سيارات السباق وأصبحت بعد ميورا معياراً للسوبركار.

  • أداء مذهل في زمنها، مع سرعة قصوى وأرقام تسارع جعلتها من أسرع السيارات على الإطلاق في الطرق العامة.

  • تصميم خارجي أصبح أيقونة عالمية بفضل خطوطه المنخفضة والأضواء “ذات الرموش”، حتى أن كثيرين يتعرفون إلى ميورا حتى لو لم يكونوا متابعين لعالم السيارات.

مع ميورا، انتقلت لامبورغيني من مجرد منافس في فئة GT إلى صانع سيارات خارقة يعيد تعريف حدود الأداء والتصميم في السيارات الرياضية.

هوية الثور: الشعار والأسماء

اختيار الثور شعاراً للعلامة لم يكن عشوائياً؛ فيرّوتشيو كان من مواليد برج الثور الفلكي، كما كان مهتماً بمصارعة الثيران الإسبانية، فاختار ثوراً هائجاً كشعار يجسّد القوة والعناد. هذه الهوية امتدت إلى أسماء الطرازات، حيث استُخدمت أسماء ثيران مشهورة أو مزارع تربية الثيران: Miura، Islero، Diablo، Murciélago وغيرها، ما عزز الصورة الذهنية لسيارات لامبورغيني كسيارات قوية وشرسة ومختلفة عن السائد.

التحديات وتغيّر الملكية… مع بقاء الفلسفة

واجهت لامبورغيني أزمات مالية في السبعينيات بسبب أزمة النفط وتقلّب الأسواق، ما أدى إلى انتقال الملكية أكثر من مرة قبل أن تستقر العلامة تحت مظلة مجموعة فولكس فاجن من خلال أودي عام 1998. رغم ذلك، بقيت الفلسفة التي وضعها فيرّوتشيو في جوهر العلامة:

  • سيارات ذات تصميم جريء وصادم بصرياً.

  • أداء متطرف يضعها في مقدمة فئة السوبركار.

  • شعور بأنك تقود شيئاً خاصاً واستثنائياً، لا مجرد وسيلة نقل.

نقاط أساسية في تطور لامبورغيني

  • 1948: تأسيس Lamborghini Trattori لصناعة الجرارات بعد الحرب العالمية الثانية.

  • الخمسينيات: توسع فيرّوتشيو في مجال التدفئة والتكييف، وبدء اقتناء سيارات رياضية فاخرة.

  • أوائل الستينيات: عدم رضاه عن تجربة فيراري اليومية يدفعه للتفكير في علامة GT منافسة.

  • 1963: تأسيس Automobili Lamborghini في سانت أغاتا بولونييز.

  • 1964: إطلاق أول سيارة إنتاجية 350 GT بمحرك V12، تلتها 400 GT 2+2.

  • 1966: تقديم Miura P400، أول سوبركار بمفهومها الحديث، وترسيخ صورة لامبورغيني العالمية

قصة تأسيس لامبورغيني ليست مجرد حكاية “خلاف مع فيراري”، بل مسار منطقي لرجل أعمال رآى فجوة في السوق بين سيارات السباق المقنّعة وسيارات GT المريحة. بدأ من الجرارات، ونجح في بناء ثروة وصناعة، ثم استثمر خبرته ورؤيته وشغفه ليؤسس علامة سيارات رياضية تحمل اسمه، وتصبح لاحقاً واحدة من أقوى رموز السوبركار في العالم، من 350 GT إلى ميورا، وصولاً إلى الطرازات الحديثة التي لا تزال تحمل روح الثور الهائج على مقدمتها.

اقرأ أيضا:

تمارا شلقتمارا شلق
معلومات رئيس التحرير:

تمارا محررة تعمل في مجال السيارات منذ أكثر من ثلاث سنوات. وهي أيضاً صانعة محتوى في مجال السيارات، تنشر مراجعات ونصائح للسيارات على منصاتها للتواصل الاجتماعي. حاصلة على شهادة في الترجمة، وتعمل أيضاً كمترجمة مستقلة، وكاتبة إعلانات، ومؤدية صوتية، ومحررة فيديو. خضعت لدورات في أجهزة فحص السيارات OBD وتشخيص الأعطال، وعملت أيضاً كمندوبة مبيعات سيارات لمدة عام، بالإضافة إلى تدريبها في شركة سكودا لبنان لمدة شهرين. كما تعمل في مجال التسويق منذ أكثر من عامين، وتُنشئ محتوى على منصات التواصل الاجتماعي للشركات الصغيرة.

شارك المقال

السابق: فورد تورس في السعودية: سيدان فرضت نفسها في شوارع الخليجيالتالي: رؤية تويوتا 2030 على أرض الواقع: كيف تقود شراكة الفطيم تحوّل التنقل الذكي في الإمارات بعد معرض طوكيو 2025​

تعليقات

avatar
إضافة تعليق...
إضافة تعليق...