على الرغم من التوجه العالمي المتزايد نحو السيارات ذات ناقل الحركة الأوتوماتيكي، وازدياد انتشار السيارات الكهربائية التي تقتصر غالباً على ناقل حركة بمرحلة واحدة، إلا أن هناك دولاً حول العالم لا تزال "اليدوي" فيها هو القاعدة، بل ويتزايد الإقبال عليه في بعض المناطق حتى عام 2025. فما الذي يجعل ناقل الحركة اليدوي يحتفظ بشعبيته في عصر التكنولوجيا والراحة؟ سنستعرض أبرز هذه البلدان مع الأسباب الاقتصادية والثقافية والفنية وراء هذا التوجه.
في الولايات المتحدة، رغم تزايد أعداد محبي القيادة اليدوية والتزام الأجيال الشابة باستمرار استخدام "الغيار اليدوي"، إلا أن "اليدوي" لا يمثل سوى حوالي 2% من مبيعات السيارات الجديدة عام 2024، مع أقل من 100 ألف سيارة تخرج من المعارض مجهزة بناقل حركة يدوي. لكنه لا يزال نوع تراثي ومفضل لفئة محددة من عشاق القيادة المتمرسين.
على النقيض من ذلك، تعتبر عدة مناطق أخرى حول العالم ملاذاً حصيناً لناقل الحركة اليدوي، من الصين إلى إيطاليا والهند وأفريقيا الجنوبية، مروراً بأمريكا الجنوبية. نبدأ مع الصين، التي تثير الدهشة كونها عاصمة السيارات الكهربائية في العالم لكنها تملك حوالي 75% من السيارات على الطرق بناقل حركة يدوي. هذا الرقم المرتفع تعود أسبابه إلى أن سيارات المدن الكبرى في الصين بدأت تتبنى الأوتوماتيك، ولكن المناطق الريفية لا تزال تفضل الناقل اليدوي لكونه خياراً ميسور التكلفة وأقل تعقيداً في الصيانة. تحرص الصين أيضاً على أن يتعلم السائقون فن استخدام "اليدوي"، وتمنح رخص قيادة مختلفة تعتمد على نوع الناقل.
في الهند، وصلت السيارات الأوتوماتيكية متأخرة حسب المعايير العالمية، وبالرغم من زيادة مبيعاتها تدريجياً، فإن الناقل اليدوي لا يزال الأكثر مبيعاً حيث يشكل حوالي ثلاثة أرباع السيارات المباعة حتى اليوم. يعود السبب في ذلك إلى سيطرة الأولوية على عنصر التكلفة في السوق الهندية، حيث تُعتبر السيارات اليدوية أقل ثمناً بنحو 900 دولار مقارنة بالأوتوماتيك، وهو فرق مالي هام بالنسبة للمشترين. من بين السيارات اليدوية المشهورة هناك سيارة ماروتي سوزوكي واجون آر التي تبيع مئات الآلاف سنوياً، بالإضافة إلى سيارات مثل هيونداي كريتا، ماهيندرا سكوربيو، وماروتي سويفت.
تمتاز جنوب أفريقيا كذلك بضعف تراجع شعبية اليدوي مقارنة بدول أخرى، حيث يشكل حوالي نصف السيارات الجديدة هناك ناقل الحركة اليدوي. السيارات الصغيرة واسعة الانتشار مزودة بهذا النوع من الناقل، وسيارة فولكسفاجن بولو فيفو التي تعتمد إسقاطها في السوق المحلي، تُعد واحدة من أكثر السيارات مبيعاً مع ناقل يدوي كمواصفة قياسية.
في أمريكا الجنوبية تحديداً برازيل والأرجنتين، تستمر اليدوي في السيطرة على الطرق. الشركات الوطنية مثل فيات تستغل هذا التوجه بخيارات متعددة للناقل اليدوي ضمن فئاتها الأساسية، رغم وجود تكنولوجيا مثل ناقل الحركة المتغير باستمرار (CVT). يتجاوز عدد السيارات ذات النظام اليدوي في البرازيل 65%، متفوقة على الأرجنتين التي تحتفظ بنسبة 61% تقريبا.
عوامل استمرارية اليدوي في هذه المناطق متعددة، لكنها كلها تصب في إطارين رئيسيين: الأول هو التكلفة الاقتصادية، فاليدوي أرخص إنتاجياً وصيانياً، ويوفر توفيراً في استهلاك الوقود مقارنة ببعض أنظمة الأوتوماتيك، الداخلية منها والخارجية. الثاني هو الثقافة وعادات القيادة التي تترسخ عبر الأجيال، مع مقاومة التغيير في بعض المناطق التي تعتبر صنع القرار في نوع الناقل تحدياً مرتبطاً بالتحكم أكثر من الراحة.
بالنسبة لمنطقة أوروبا، يظل استخدام ناقل الحركة اليدوي شائعاً، خاصة في سيارات الفئة الصغيرة والمتوسطة. حوالي نصف السيارات في العديد من الدول الأوروبية تخرج من مصانعها بناقل يدوي، مدفوعة أيضاً بعوامل مثل تكلفة الصيانة الأقل، تحكم أفضل في ظروف القيادة المختلفة، والتقاليد المحلية التي تميل إلى الاعتماد على اليدوي بدلاً من الأوتوماتيك المكلفة في كثير من الأحيان.
ضمن الأسواق العالمية، يظهر تناقص تدريجي في عدد الموديلات المتاحة بناقل حركة يدوي، حيث شهدت بريطانيا انخفاضاً بنسبة 57% خلال العقد الماضي في نماذج السيارات المزودة "باليدوي". التوقعات تشير إلى إمكانية انقراض ناقل الحركة اليدوي في الأسواق المتقدمة بحلول 2037، كما أنهم يواجهون منافسة شرسة من السيارات الكهربائية التي تعتمد على ناقل حركة بسيط أحادي السرعة.
مع ذلك، تدفع شركات تصنيع السيارات بعض النماذج إلى مواصلة توفير الخيار اليدوي على الأقل في نسخ محدودة، تلبية لشريحة الضياع من محبي القيادة الحقيقية التي يعشقون التحكم الكامل بالسيارة.
ختاماً، تبقى ناقلات الحركة اليدوية جزءاً مهماً من مشهد السوق العالمي للسيارات حتى عام 2025، خصوصاً في البلدان التي تلعب فيها المعايير الاقتصادية والثقافية دوراً أساسياً في التفضيل. العلاقة بين الإنسان والسيارة عبر ناقل الحركة اليدوي تمثل هوية وعشق للقيادة ممتدة عبر عقود، رغم معركة الأوتوماتيك والتقنيات الجديدة. السوق العالمي متنوع، وهنا في هذه الدول يشهد اليدوي عزماً قويًا على الاستمرار رغم تقنيات العصرية.