- من وسيلة نقل… إلى شريك ذكي يتعلّم منك
- مساعد صوتي يفهم الجمل العادية… لا الأوامر الجامدة
- قوة حوسبة من عالم الحواسيب الفائقة: Nvidia Orin في قلب القمرة
- من “وقت ضائع في السيارة” إلى مكتب متنقل حقيقي
- منصة ذكاء اصطناعي قابلة للإضافة… وليست حكرًا على سيارات جديدة فقط
- راحة، بديهية، وسلامة… ثلاث ركائز لتجربة المستخدم
- ماذا يعني ذلك لمستقبل قمرة القيادة في سيارات الإنتاج؟
السيارة في المستقبل القريب لن تكتفي بتنفيذ أوامر السائق، بل ستفهم الجملة العفوية مثل “بردان” وتتصرف من تلقاء نفسها لتعديل الأجواء، وفتح اجتماع عمل، وتنظيم ما يحدث في المقصورة دون أن تلمس أي زر.

من وسيلة نقل… إلى شريك ذكي يتعلّم منك
بوش، أكبر مورّد في عالم السيارات، تستعد في CES 2026 للكشف عن منصة ذكاء اصطناعي جديدة تحول السيارة من “مجرد وسيلة نقل” إلى شريك ذكي يتعلم سلوكك وعاداتك بمرور الوقت.
الفكرة ليست فقط إضافة مساعد صوتي جديد، بل بناء قمرة قيادة رقمية متكاملة تفهم السياق: حالة الطقس، نوع الطريق، جدول عملك، وحتى مزاجك التقريبي من أسلوب حديثك.
مساعد صوتي يفهم الجمل العادية… لا الأوامر الجامدة
أبرز ما يميز النظام الجديد هو طريقة تفاعله مع السائق:
فهم العبارات الطبيعية:
بدل أن تقول “ارفع درجة حرارة المكيف إلى 24”، يكفي أن تقول “أنا بردان” لتقوم السيارة تلقائيًا بتسخين المقعد ورفع درجة حرارة الهواء في المقصورة.
يمكن تطبيق الفكرة على عبارات مثل “تعبان” أو “مشغول” لاقتراح تفعيل أنظمة مساعدة القيادة أو كتم الإشعارات غير المهمة.
حوارات أكثر إنسانية:
النظام يعتمد على نماذج رؤية‑لغوية متقدمة (Vision‑Language) قادرة على الربط بين ما تسمعه، وما ترصده الحساسات، وما تعرفه عن عاداتك السابقة.
هذا يعني أن الحوار مع السيارة يصبح أقرب إلى حديثك مع مساعد شخصي ذكي، لا مجرد “أوامر صوتية” محدودة بردود قصيرة.
قوة حوسبة من عالم الحواسيب الفائقة: Nvidia Orin في قلب القمرة
من أجل إدارة كل هذا التعقيد، تعتمد بوش على منصة Nvidia Drive AGX Orin كنواة للحوسبة داخل السيارة.
قدرة تصل إلى 200 تيرا عملية في الثانية:
هذه القوة تمكّن النظام من معالجة بيانات الحساسات في الزمن الحقيقي، بما في ذلك الكاميرات، الرادارات، والميكروفونات داخل المقصورة.
تكفي لدعم عدة نماذج ذكاء اصطناعي تعمل بالتوازي: التعرف على الكلام، فهم السياق، تحليل تعابير الوجه أو وضعية السائق، وغيرها.
تكامل مع أنظمة مساعدة القيادة:
نفس الشريحة يمكن أن تدعم أنظمة مثل التحكم المتكيف في السرعة، الحفاظ على المسار، والتعامل مع الازدحام، بحيث تتعاون “عقلية” القمرة مع “عقلية” القيادة شبه الذاتية.

من “وقت ضائع في السيارة” إلى مكتب متنقل حقيقي
بوش لا تنظر إلى السيارة كمكان انتظار بين نقطة وأخرى، بل كمساحة إنتاج حقيقية يمكن استخدامها في العمل والاجتماعات.
دمج Microsoft 365 في واجهة السيارة:
النظام يدمج حزمة مايكروسوفت 365 مباشرة في تجربة القمرة، ما يعني إمكانية الوصول إلى Outlook وTeams وغيرها من التطبيقات بطريقة مهيّأة للقيادة.
الانضمام لاجتماعات Teams بالأوامر الصوتية:
يمكن للسائق أن يقول مثلاً “انضم للاجتماع التالي” ليقوم النظام بفتح جلسة Teams، بينما تتولى السيارة تفعيل مثبت السرعة المتكيف لتخفيف عبء القيادة قدر الإمكان.
منصة Foundry لبناء تطبيقات ذكاء اصطناعي مخصصة:
بالتعاون مع مايكروسوفت، تستخدم بوش منصة Foundry لبناء وتخصيص وإدارة تطبيقات ووكالات ذكاء اصطناعي داخل السيارة، ما يتيح للمصنّعين أو أساطيل الشركات تطوير حلول تناسب احتياجاتهم.
منصة ذكاء اصطناعي قابلة للإضافة… وليست حكرًا على سيارات جديدة فقط
أحد أهم وعود بوش هو أن هذه المنصة ليست محصورة في جيل جديد فقط من السيارات، بل يمكن إضافتها أو توسيعها على أنظمة قمرة قيادة موجودة.
“ملحق” ذكاء اصطناعي لأنظمة القمرة الحالية:
تصف بوش النظام الجديد بأنه امتداد (extension) يمكنه ترقية أنظمة المعلومات والترفيه الحالية بوظائف ذكاء اصطناعي متقدمة.
هذا يعني أن شركات السيارات تستطيع استخدام منصات شاشات موجودة بالفعل، مع رفع قدراتها عبر إضافة طبقة ذكاء جديدة بدل إعادة بناء كل شيء من الصفر.
فائدة للمصنّعين ومستخدمي الأساطيل:
مصنّعو السيارات يمكنهم تسريع دخولهم عالم “القمرة الذكية” من خلال شريك قوي مثل بوش، دون استثمار ضخم في بناء منظومة كاملة داخليًا.
مزودو أساطيل (تأجير، كاب، شركات لوجستية) يمكنهم الاستفادة من واجهات موحدة وذكية لتدريب السائقين ورفع الإنتاجية.
راحة، بديهية، وسلامة… ثلاث ركائز لتجربة المستخدم
ماركوس هاين، رئيس بوش موبيليتي، يلخص هدف المنصة بأن تجعل تجربة القيادة “أكثر راحة وبديهية وأمانًا لكل من في السيارة”.
الراحة (Comfort):
ضبط الإعدادات تلقائيًا اعتمادًا على عاداتك اليومية: درجة الحرارة المفضلة، الإضاءة، نمط القيادة، وحتى الموسيقى أو نوع المحتوى الصوتي.
البديهية (Intuitive):
تفاعل طبيعي مع النظام دون الحاجة لتعلّم قوائم معقدة أو أوامر صوتية جامدة، يكفي أن تتحدث كما لو كنت تحادث شخصًا يفهمك.
السلامة (Safety):
تقليل تشتيت الانتباه عبر الأوامر الصوتية والوضعيات الذكية التي تقلل ما يظهر على الشاشة أثناء القيادة.
تفعيل أنظمة مساعدة القيادة تلقائيًا عند اكتشاف أن السائق منشغل بمكالمات أو اجتماعات مهمة.
ماذا يعني ذلك لمستقبل قمرة القيادة في سيارات الإنتاج؟
التحول من “شاشات كبيرة” إلى “قمرة تفهم السائق”:
المرحلة الأولى من الثورة الرقمية في السيارات كانت زيادة حجم وعدد الشاشات، لكن المرحلة الجديدة هي جعل هذه الشاشات “تفكر وتتكيّف” بدل أن تكون مجرد واجهات عرض.
منافسة بين مورّدين كبار على “العقل البرمجي”:
شركات مثل بوش تتنافس على أن تكون الشريك البرمجي الرئيسي لمصنّعي السيارات، عبر تقديم أنظمة جاهزة تعتمد على شرائح مثل Nvidia Orin ومنصات سحابية لمايكروسوفت وغيرها.
فرصة لتمييز السيارة حتى لو كانت الميكانيكا متقاربة:
في عالم أصبحت فيه منصات السيارات مشتركة بين عدة علامات، يمكن لتجربة القمرة الذكية أن تكون عنصر التفوق الحقيقي في نظر العميل.
منصّة بوش الجديدة للذكاء الاصطناعي في القمرة لا تضيف “ميزة واحدة” بقدر ما تعيد تعريف العلاقة بين السائق والسيارة: من الضغط على أزرار إلى حوار طبيعي، ومن وقت ضائع في الزحام إلى مكتب متنقل متصل بالكامل بمنظومتك الرقمية. اعتمادها على قوة حوسبة Nvidia Orin وتكاملها مع Microsoft 365 ومنصة Foundry يجعلها مشروعًا متكاملًا يفتح الباب أمام جيل جديد من السيارات التي تفهم ما تريد قبل أن تنطق بالأمر المباشر. ومع اقتراب كشف المنصة في CES، يبدو أن السؤال لم يعد “هل ستصبح سيارتك ذكية؟” بل “أي منظومة ذكاء ستختارها شركتك لصناعة الجيل القادم من المقصورات؟”.


