هل يصبح خصم فوائد قروض السيارات حقيقة؟ مشروع قانون يثير جدلاً واسعاً في أمريكا

في خطوة مفاجئة قد يكون لها تأثير كبير على سوق السيارات والمستهلكين الأمريكيين، وافق مجلس النواب الأمريكي مؤخراً على مشروع قانون يتضمن بنداً يسمح بخصم فوائد قروض السيارات من الضرائب. هذا المقترح، الذي كان الرئيس السابق دونالد ترامب قد طرحه خلال حملته الانتخابية، يهدف ظاهرياً إلى تشجيع الإنتاج المحلي ودعم المستهلكين، لكنه أثار جدلاً واسعاً بسبب تعقيداته وتداعياته الاقتصادية المحتملة.

"قانون أمريكا الجميلة الكبرى": حوافز مشروطة وقيود معقدة

جاءت هذه المبادرة كجزء من "قانون أمريكا الجميلة الكبرى"، وهو حزمة إصلاحات ضريبية واسعة النطاق تم تمريرها بصعوبة في مجلس النواب. البيت الأبيض روّج لهذا البند باعتباره حافزاً للشركات التي تصنع منتجاتها في الولايات المتحدة، ومنحاً للمواطنين الذين يشترون سيارات مصنعة محلياً. وبحسب البيان الرسمي، فإن القانون "يكافئ الشركات التي تبني منتجاتها في أمريكا بضرائب أقل، ويسمح للأمريكيين الذين يشترون سيارة أمريكية الصنع بخصم كامل لفوائد قروض سياراتهم".

لكن التدقيق في تفاصيل البند رقم 110104 يكشف عن قيود وشروط معقدة تحد من نطاق هذا الحافز. فبموجب القانون، يسري هذا الخصم على السيارات التي تم شراؤها بين 31 ديسمبر 2024 و1 يناير 2029 فقط.

أنواع السيارات المؤهلة وشروط "التجميع النهائي"

يشمل الخصم طيفاً واسعاً من المركبات، بما في ذلك سيارات الركاب، الشاحنات الصغيرة، الشاحنات، سيارات الدفع الرباعي، الدراجات النارية، المركبات متعددة التضاريس، والعربات الترفيهية. لكن الشرط الأساسي للتأهل هو أن يكون "التجميع النهائي" لهذه المركبات قد تم داخل الولايات المتحدة. هذا الشرط يهدف إلى دعم الصناعة المحلية وتشجيع الشركات على نقل عمليات التصنيع إلى أمريكا.

"خصم كامل" مقيد بسقف 10 آلاف دولار سنوياً

على عكس ما روّج له البيت الأبيض، فإن المستهلكين لن يتمكنوا من "خصم كامل" لقيمة فوائد قروضهم. فالبند يفرض حداً أقصى للخصم يبلغ 10,000 دولار سنوياً. هذا يعني أن المستهلكين الذين يدفعون فوائد تتجاوز هذا المبلغ لن يستفيدوا من الخصم الكامل، ما يقلل من جاذبية الحافز.

"عقوبة" للأثرياء وقيود إضافية

لم تتوقف القيود عند هذا الحد، بل تضمن القانون "عقوبة" للأثرياء. فبموجب البند، يتم تخفيض قيمة الخصم بمقدار 200 دولار لكل 1,000 دولار (أو جزء منها) يتجاوز بها الدخل المعدل الإجمالي للمستهلك 100,000 دولار (أو 200,000 دولار في حالة الأزواج). هذا يعني أن المستهلكين ذوي الدخول المرتفعة قد لا يستفيدون من الخصم على الإطلاق.

إضافة إلى ذلك، يستثني القانون عقود الإيجار، المركبات التجارية، السيارات ذات الملكية المنقذة (Salvage Title)، مشتريات أساطيل السيارات، والسيارات التي تم شراؤها بقروض شخصية نقدية.

معركة حاسمة في مجلس الشيوخ ومستقبل مجهول

بعد تمريره في مجلس النواب، ينتقل القانون الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث يواجه معارضة شديدة بسبب المخاوف المتعلقة بالدين العام والتخفيضات الكبيرة في البرامج التي يعتمد عليها ملايين الأمريكيين. وبحسب تقرير لموقع "بوليتيكو"، فإن القانون "لا يمكن أن يمر دون تغييرات جذرية"، ما يجعل مستقبل خصم فوائد قروض السيارات في مهب الريح.

تداعيات محتملة على سوق السيارات والمستهلكين

إذا تم إقرار القانون بشكله الحالي، فإنه قد يؤدي إلى تغييرات كبيرة في سوق السيارات الأمريكي. فمن المتوقع أن يزداد الطلب على السيارات المصنعة محلياً، ما قد يدفع الشركات الأجنبية إلى نقل عمليات التصنيع إلى الولايات المتحدة للاستفادة من الحوافز.

كما قد يؤدي القانون إلى تحفيز مبيعات السيارات الجديدة، خاصة بين المستهلكين ذوي الدخول المتوسطة الذين يستفيدون بشكل أكبر من الخصم الضريبي. لكن في المقابل، قد يتضرر سوق السيارات المستعملة بسبب تركيز المستهلكين على شراء سيارات جديدة مؤهلة للحصول على الخصم.

يبقى مصير خصم فوائد قروض السيارات في الولايات المتحدة معلقاً بقرار مجلس الشيوخ. وبينما يرى المؤيدون في القانون فرصة لدعم الصناعة المحلية وتحفيز الاقتصاد، يحذر المعارضون من تعقيداته وتداعياته السلبية المحتملة على الدين العام والمستهلكين ذوي الدخول المرتفعة. وفي انتظار الحسم، يبقى السؤال: هل سيصبح حلم خصم فوائد قروض السيارات حقيقة أم مجرد وعد انتخابي آخر؟