في زمن تسيطر فيه الحسابات المالية على قرارات شركات السيارات الكبرى، يبرز الإبداع الحقيقي أحياناً من خارج أسوار المصانع، عبر مصممين مستقلين يمتلكون الشغف والخيال. هذا ما فعله الفنان الرقمي فالنتين كومكوف، الذي أطلق مؤخراً تصميماً تخيلياً مذهلاً لسيارة كوبيه رياضية تحمل اسم نيسان 500SX، مستلهماً روح وأسلوب أيقونات التسعينيات اليابانية، وعلى رأسها نيسان 180SX الشهيرة.
إحياء الأسطورة بروح عصرية
يصف كومكوف مشروعه بأنه "تحية لفن وأسلوب السيارات اليابانية الرياضية"، حيث استوحى خطوط التصميم من نيسان 180SX (المعروفة أيضاً باسم 240SX في أمريكا الشمالية)، والتي اشتهرت بجمالها الكلاسيكي وقابليتها اللامحدودة للتعديل. أراد المصمم أن يعيد إحياء هذه الروح، لكن مع لمسة مستقبلية تواكب تطلعات عشاق السيارات اليوم.
ملامح تصميمية تجمع الأصالة بالحداثة
يحافظ تصميم 500SX على بعض العناصر الكلاسيكية التي ميزت 180SX، مثل المصابيح الأمامية القابلة للطي والزجاج الخلفي المنحني حول الباب الخلفي. لكن السيارة لا تقتصر على محاكاة الماضي، بل تقدم هيكلاً أكثر انسيابية وعضلية، مع أقواس عجلات بارزة تمنحها حضوراً رياضياً قوياً.
الجزء الخلفي يتميز بشريط إضاءة LED رفيع يمتد بعرض السيارة، وجناح صغير على شكل "ذيل البطة"، ومصد خلفي بسيط يضم أربع فتحات للعادم. وتستقر السيارة على عجلات رياضية بتصميم ألماسي، بينما يكسوها لون نحاسي مستوحى من طراز نيسان Ariya الكهربائي، ليمنحها لمسة عصرية فريدة.
تفاصيل تقنية جريئة وخارج الصندوق
المفاجأة الأكبر في هذا التصميم ليست في الشكل فقط، بل في القلب النابض للسيارة. بدلاً من الاعتماد على محركات نيسان التقليدية، اختار كومكوف أن يضع تحت الغطاء الأمامي محرك تويوتا الشهير 2JZ سعة 3.0 لتر سداسي الأسطوانات، وهو المحرك الأسطوري الذي اشتهرت به تويوتا سوبرا Mk4. هذا الاختيار الجريء يجمع بين اثنتين من أكثر الأساطير اليابانية شهرة في سيارة واحدة، ويعكس روح التعديل والابتكار التي تميز ثقافة السيارات اليابانية (JDM).
ورغم أن التصميم مجرد تصور رقمي، إلا أنه يبدو مثالياً لناقل حركة يدوي ونظام دفع خلفي، ما يعزز من جاذبيته لعشاق القيادة الرياضية. ومن التفاصيل الطريفة وجود حساس "ليدار" متقدم على مقدمة السيارة، كتب عليه "نظام الانجراف المتقدم"، في إشارة ساخرة إلى عشق مجتمع JDM لفنون القيادة الجريئة.
هل يمكن أن تتحول الفكرة إلى واقع؟
قبل سنوات، تحدثت إدارة نيسان عن فكرة تطوير سيارة رياضية أصغر وأقل ثمناً من طراز Z وGT-R، تستهدف جيل الشباب وربما تحمل بعض التقنيات الكهربائية. لكن الأوضاع المالية الصعبة التي تمر بها الشركة جعلت مثل هذه المشاريع أقرب إلى الأحلام منها إلى الواقع، خاصة مع تفضيل الشركات الاستثمار في السيارات الكهربائية والعائلية.
تصميم 500SX، بمحركه القوي وتفاصيله الفاخرة، يبدو أقرب إلى سيارة "جراند تورر" رقمية فاخرة، وليس مجرد كوبيه رياضية خفيفة الوزن تنافس تويوتا GR86 أو مازدا MX-5. من الصعب تخيل وجودها إلى جانب نيسان Z دون أن تسرق الأضواء منها، لكن هذا هو سر جاذبية التصاميم التخيلية: لا قيود للميزانية أو قرارات الإدارة.
أهمية المشاريع التخيلية في عالم السيارات
رغم أن 500SX ليست سوى تصميم رقمي، إلا أنها تذكرنا بقوة الخيال والإبداع في إحياء الأساطير، حتى عندما تتردد الشركات في المجازفة. هذه المشاريع تلهم عشاق السيارات وتدفع الشركات أحياناً لإعادة التفكير في توجهاتها، خاصة عندما تلقى التصاميم التخييلية تفاعلاً واسعاً من الجمهور.
نيسان 500SX كما تصورها فالنتين كومكوف ليست مجرد سيارة خيالية، بل رسالة فنية تؤكد أن شغف السيارات اليابانية الكلاسيكية لا يزال حياً في قلوب الملايين حول العالم. وبينما تنتظر الأسواق عودة الكوبيه الرياضية بروح التسعينيات، يبقى الأمل معلقاً بأن تلتقط نيسان أو غيرها من الشركات هذه الإشارات، وتعيد إحياء الأسطورة بشكل واقعي في المستقبل القريب.
تمارا محررة تعمل في مجال السيارات منذ أكثر من ثلاث سنوات. وهي أيضاً صانعة محتوى في مجال السيارات، تنشر مراجعات ونصائح للسيارات على منصاتها للتواصل الاجتماعي. حاصلة على شهادة في الترجمة، وتعمل أيضاً كمترجمة مستقلة، وكاتبة إعلانات، ومؤدية صوتية، ومحررة فيديو. خضعت لدورات في أجهزة فحص السيارات OBD وتشخيص الأعطال، وعملت أيضاً كمندوبة مبيعات سيارات لمدة عام، بالإضافة إلى تدريبها في شركة سكودا لبنان لمدة شهرين. كما تعمل في مجال التسويق منذ أكثر من عامين، وتُنشئ محتوى على منصات التواصل الاجتماعي للشركات الصغيرة.
