كارتيأخبارعالم السياراتعندما تصنع الإشاعة أسطولًا: قصة “رولز رويس للاعبي السعودية” التي اجتاحت العالم

عندما تصنع الإشاعة أسطولًا: قصة “رولز رويس للاعبي السعودية” التي اجتاحت العالم

تمارا شلق
تمارا شلق
2025-11-24
الفهرس

أحيانا سيارة واحدة تكفي لصناعة عنوان كبير… فكيف إذا كان الحديث عن أسطول من سيارات رولز رويس فانتوم، كهدايا لمنتخب بأكمله بعد فوز تاريخي في كأس العالم؟ هذا بالضبط ما حدث بعد انتصار المنتخب السعودي على الأرجنتين في مونديال قطر 2022، عندما اشتعلت مواقع التواصل والقنوات العالمية بخبر “إهداء كل لاعب سيارة رولز رويس من ولي العهد”. القصة انتشرت كالنار في الهشيم، لكنها في النهاية لم تكن أكثر من “أسطورة كروية فاخرة” استندت إلى الشائعات أكثر مما استندت إلى الحقائق

أولاً: كيف وُلدت الأسطورة من تسعين دقيقة فقط؟

  • في 22 نوفمبر 2022، حقق المنتخب السعودي واحدة من أكبر مفاجآت كأس العالم على الإطلاق، عندما قلب النتيجة على الأرجنتين وفاز 2–1 في مرحلة المجموعات.

  • خلال ساعات، بدأت منشورات على تويتر وإنستغرام وتيك توك تتحدث عن “مكافأة خيالية”: سيارة رولز رويس فانتوم لكل لاعب سعودي تقديراً لهذا الإنجاز.

  • المواقع العالمية التقطت القصة سريعاً:

    • عناوين تتحدث عن “أسطول رولز رويس من محمد بن سلمان للاعبين”.

    • تقديرات تقول إن كل سيارة تتجاوز قيمتها 500 ألف دولار، ليصل مجموع “الهدايا” إلى عشرات الملايين.

لم يتوقف الأمر عند حد الخبر؛ سرعان ما تحولت القصة إلى رمز جاهز يُستخدم لإثبات صورة نمطية: “منتخب يفوز فيُغرق بالسيارات الفاخرة”.

ثانياً: ما الذي قيل عن سيارات رولز رويس بالضبط؟

  • نُسبت الشائعة بداية إلى “مصادر مقربة” غير معروفة، ثم إلى بعض الحسابات الأجنبية والعربية التي تداولت نسخة مختصرة:

    • كل لاعب سعودي سيحصل على سيارة رولز رويس فانتوم جديدة.

    • الهدية تأتي مباشرة من ولي العهد تقديراً للانتصار على الأرجنتين.

  • تضخمت الشائعة مع:

    • صور قديمة للاعبي كرة سعوديين بجانب سيارات فاخرة، أعيد استخدامها وكأنها “دليل” جديد.

    • مقاطع فيديو مركبة أو خارج السياق تستعرض سيارات رولز رويس في شوارع الرياض وجدة، مع عناوين تشير إلى أنها “هدايا المنتخب”.

  • تم ربط الشائعة أيضاً بقرار رسمي حقيقي:

    • إعلان إجازة رسمية في المملكة احتفالاً بالفوز.

    • بالنسبة لكثيرين، بدا من المنطقي أن تأتي الإجازة وبرفقتها سيارات خارقة… على الأقل في الخيال.

ثالثاً: ماذا قال اللاعبون والمدرب والاتحاد السعودي؟

رغم انتشار القصة عالمياً، كان مَن في الملعب أكثر هدوءاً وواقعية:

  • تصريحات اللاعبين:

    • خرج أكثر من لاعب، من بينهم صالح الشهري، لينفي تماماً فكرة حصولهم على سيارات رولز رويس، ويؤكد أن الهدف كان تشريف الوطن، وأن مكافآتهم الفعلية تقررها الجهات الرياضية وفق أنظمة معروفة وليس عبر شائعات.

  • موقف المدرب هيرفي رينارد:

    • في مؤتمر صحفي، سُئل رينارد بشكل مباشر عن “هدية الرولز رويس”، فكان رده واضحاً:

      • لا توجد أي معلومة رسمية عن ذلك.

      • التركيز يجب أن يبقى على الأداء في الملعب بدلاً من الحديث عن سيارات فاخرة.

  • الاتحاد السعودي لكرة القدم:

    • مسؤولون في المنظومة الرياضية أوضحوا أن اللاعبين يحصلون بالفعل على مكافآت مالية وفق لوائح المكافآت الخاصة بالمنتخب، لكن لا يوجد أي إعلان أو قرار بمنح سيارات رولز رويس لكل لاعب.

وبينما بقيت عناوين “الهدايا الخيالية” تتصدر محركات البحث، جاءت الردود الرسمية هادئة وقصيرة، لتغرق في ضجيج المحتوى الفيروسي.

رابعاً: لماذا صدّق العالم هذه القصة بسهولة؟

يمكن تلخيص أسباب انتشار وتصديق الشائعة في عدة نقاط:

  • قوة اللحظة العاطفية:

    • فوز السعودية على الأرجنتين كان حدثاً صادماً لعشاق الكرة شكّل “لحظة مثالية” لأي قصة مبالغ فيها.

  • الصورة النمطية عن الخليج:

    • كثير من المتابعين في الغرب والشرق يربطون منطقة الخليج دائماً بالثروة الفاحشة والسيارات الفاخرة، ما جعل فكرة “رولز رويس لكل لاعب” تبدو قابلة للتصديق في مخيلتهم.

  • طبيعة المنصات الاجتماعية:

    • تغريدة واحدة بصياغة جذابة كافية لإطلاق موجة من المشاركات، خاصة عندما تحتوي على مزيج من كرة القدم والرفاهية والسياسة.

  • الاقتصاد الرقمي للعناوين:

    • مواقع إلكترونية تبحث عن زيارات سريعة، التقطت الشائعة دون تحقق كافٍ، فحوّلتها إلى عناوين رئيسية:

      • “كل لاعب سعودي يتلقى رولز رويس فانتوم…”

      • “أسطول سيارات بملايين الدولارات يكافئ أبناء الصقور الخضر.”

كل هذا جعل “القصة الجميلة” تبدو أهم من التأكد من كونها صحيحة.

خامساً: حكاية قصيرة (فابل) عن لاعب وسيارة لم يستلمها

تخيل لاعباً شاباً في المنتخب، دعنا نسميه سامي.
بعد المباراة التاريخية أمام الأرجنتين، يتلقى هاتفه سيلاً من الرسائل:

  • أصدقاء طفولة يسألونه عن لون الرولز رويس التي اختارها.

  • أقارب يرسلون له صور فانتوم بألوان ذهبية وزرقاء مع تعليق: “مبروك يا بطل”.

  • حتى جاره الذي بالكاد كان يتحدث معه يرسل: “لا تنسانا من اللفة الأولى”.

في الحقيقة، كل ما استلمه سامي ذلك اليوم كان:

  • رسالة من أهله: فخورون فيك، أهم من كل سيارات الدنيا.

  • إشعار من مدربه بموعد الحصة التدريبية التالية.

  • وجرعة ضغط إضافية وهو يرى الناس يتحدثون عن “الهدايا الأسطورية” أكثر من حديثهم عن الجهد الذي بُذل في الملعب.

في داخله، يضحك بهدوء ويقول لنفسه في غرفة الملابس:
لو كانت الروح القتالية تُقاس بعدد السيارات، لما احتجنا لتسعين دقيقة كاملة لنثبت من نكون.

القصة الحقيقية بالنسبة له لم تكن عن مفاتيح سيارة، بل عن مفاتيح غرفة التاريخ التي فتحت أمام منتخب لم يتوقع أحد أن يهزم الأرجنتين.

سادساً: ماذا حصل فعلياً كلاعب كرة.. بعيداً عن الأسطورة؟

  • حصل اللاعبون على:

    • تقدير رسمي وشعبي كبير.

    • يوم إجازة واحتفالات وطنية.

    • مكافآت مالية ضمن نطاق المكافآت المعتادة للبطولات الكبرى.

  • لم يحصلوا على:

    • إعلان رسمي واحد يؤكد منح أسطول رولز رويس.

    • صور موثقة لتسليم سيارات جديدة لكل لاعب.

القصة الحقيقية أقل درامية من شائعة “الفانتوم”، لكنها أكثر منطقية:

  • دولة تكافئ منتخبها بنتائج ملموسة وعقلانية.

  • لاعبو كرة يحملون عبء التوقعات وليس مفاتيح سيارات فقط.

ماذا نتعلم نحن ككتّاب سيارات من هذه الحكاية؟

  • قصص السيارات ليست دائماً عن أداء المحركات والتسارع، بل أحياناً عن الرمزية التي تحملها السيارة كهدية أو مكافأة.

  • شائعة واحدة حول علامة فاخرة مثل رولز رويس قد تخلق انطباعاً قوياً لسنوات، حتى لو ثبت عدم صحتها بالكامل.

  • دور الكاتب المحترف في مجلات السيارات لا يقتصر على نقل الشائعة، بل على:

    • تفكيك القصة.

    • مقارنة ما قيل بما ثبت.

    • إبراز السيارة في سياقها الواقعي بعيداً عن المبالغات.

اقرأ أيضا:

تمارا شلقتمارا شلق
معلومات رئيس التحرير:

تمارا محررة تعمل في مجال السيارات منذ أكثر من ثلاث سنوات. وهي أيضاً صانعة محتوى في مجال السيارات، تنشر مراجعات ونصائح للسيارات على منصاتها للتواصل الاجتماعي. حاصلة على شهادة في الترجمة، وتعمل أيضاً كمترجمة مستقلة، وكاتبة إعلانات، ومؤدية صوتية، ومحررة فيديو. خضعت لدورات في أجهزة فحص السيارات OBD وتشخيص الأعطال، وعملت أيضاً كمندوبة مبيعات سيارات لمدة عام، بالإضافة إلى تدريبها في شركة سكودا لبنان لمدة شهرين. كما تعمل في مجال التسويق منذ أكثر من عامين، وتُنشئ محتوى على منصات التواصل الاجتماعي للشركات الصغيرة.

شارك المقال

السابق: كامري 2026: بداية جديدة لأسطورة السيارات في السعوديةالتالي: جيتور G700 هوانتا 2025: وحش الصحراء الهجين الذي يخرج من المصنع جاهزاً للمعركة

تعليقات

avatar
إضافة تعليق...
إضافة تعليق...