- تصميم سابق لعصره بمراحل
- راحة داخلية مدعومة بابتكارات رائدة
- ترف استثنائي مقابل خسائر هائلة
- محرك قوي يحمل روح العصر الذهبي
في خمسينيات القرن الماضي، شكلت كاديلاك الدورادو بروجهام نموذجًا نادرًا لسيارة أمريكية أرادت من خلالها العلامة أن تعيد تعريف مفاهيم الفخامة والتميز. لم تكن هذه السيارة وسيلة نقل تقليدية، بل كانت مشروعًا استعراضيًا صنعت يدويًا وبأعداد محدودة لتقدم تقنيات متطورة وتجهيزات سبقت زمنها. غير أن كلفتها الإنتاجية العالية جعلت من كل نسخة تباع خسارة كبيرة تتحملها الشركة مقابل تقديم تحفة تقنية فريدة.
تصميم سابق لعصره بمراحل
استوحت كاديلاك تصميم الدورادو بروجهام من أفكارها المستقبلية التي لطالما عرضتها ضمن طرازات موتوراما. تميزت السيارة بزجاج أمامي بانورامي وأبواب جانبية بلا أعمدة تفتح بطريقة عكسية، تعرف لاحقًا بالأبواب الانتحارية، ما أضفى عليها لمسة جريئة واستثنائية. أما السقف فجاء مصنوعًا من الفولاذ المقاوم للصدأ بتشطيب لامع يبرز رقي التصميم وتفرده.
ولم يقتصر التميز على الشكل الخارجي فقط، فقد صُمم هيكل السيارة ليمنح ركاب المقاعد الخلفية رحابة فائقة، مستفيدًا من قاعدة عجلات قصيرة نسبيًا ومداس واسع. أبعاد الدورادو بروجهام قاربت حجم كاديلاك اسكاليد ذات قاعدة العجلات الطويلة حاليًا. كما أتيحت السيارة بعدد كبير من ألوان الطلاء الخارجي، ما منح العملاء حرية تخصيص مذهلة اعتبرت حينها توجهًا رائدًا في عالم السيارات.
راحة داخلية مدعومة بابتكارات رائدة
جاءت الداخلية لتكمل فلسفة الفخامة غير المسبوقة، مع أول نظام تعليق هوائي متكيف ذاتيًا في تاريخ السيارات، بالإضافة إلى تعليق خلفي رباعي الوصلات. ساهم هذا النظام المتطور مع جنوط الألمنيوم ومركز الثقل المنخفض والإطارات المصممة خصيصًا في تحسين استجابة القيادة وثبات السيارة، ما جعل الرحلة تجربة ممتعة ومريحة بمعايير تلك الحقبة.
كما جهزت المقصورة بعدد من المزايا الكهربائية التي كانت آنذاك بعيدة عن المألوف، مثل مقاعد أمامية قابلة للبرمجة، ونظام تحكم كهربائي للنوافذ والأقفال، وإمكانية فتح وغلق صندوق الأمتعة من خلال وحدة تحكم داخلية. من أبرز وسائل الترفيه، كان الراديو الذي يعمل بالترانزستور مزودًا بهوائي يضبط نفسه تلقائيًا، ليمنح المستخدم تجربة استماع نقية لحفلات الغناء على موجات AM.
ترف استثنائي مقابل خسائر هائلة
لم تبخل كاديلاك في تجهيز المقصورة بتفاصيل فاخرة تشبه ما يوجد في غرف الفنادق الراقية. فقد ضمت السيارة مرآة أنيقة، وعطر رذاذ فاخر، ودفتر ملاحظات مع قلم من علامة كروس، وعلبة مستحضرات تجميل من ماركة إيفانز تتضمن مرآة، ومشط، ومحفظة سجائر وأحمر شفاه. كذلك، توفرت داخلها أدوات ضيافة راقية مثل أكواب معدنية وصينية مغناطيسية، ما أضفى على تجربة الركوب طابعًا ملكيًا لا يُضاهى.
ورغم هذا المستوى العالي من الرفاهية، كانت كاديلاك تتكبد خسائر كبيرة مع كل نسخة تنتجها. في عام 1957، بلغ سعر بيع السيارة ما بين 13,000 و13,800 دولار أمريكي (48,758 - 51,759 ريال)، بينما كانت كلفة الإنتاج تصل إلى نحو 23,000 دولار (86,260 ريال). أي أن الشركة خسرت قرابة 10,000 دولار (37,506 ريال) في كل سيارة بيعت. ورغم تحفظ بعض المسؤولين في كاديلاك، فقد مثلت الدورادو بروجهام رسالة واضحة بأن الفخامة لا تقاس دائمًا بالأرباح المباشرة.
محرك قوي يحمل روح العصر الذهبي
اعتمدت السيارة على محرك V8 مكون من ثماني أسطوانات، مرتبط بناقل حركة Hydramatic أوتوماتيكي من 4 سرعات. في نسخة 1957، استخدم المحرك أربع براميل بنسبة ضغط 10:1 لإنتاج 325 حصان، بينما اعتمدت نسخة 1958 على ثلاث براميل مزدوجة بنسبة ضغط 10.25:1 لتوليد 335 حصان. وقدمت هذه القوة أداءً يعد مذهلًا بالنسبة لزمنها، خصوصًا عندما يقارن بالمستوى العالي من الراحة والرفاهية الذي وفرته السيارة.
في المحصلة، لا يمكن النظر إلى كاديلاك الدورادو بروجهام إلا كتحفة فنية هندسية تؤرخ لفترة استثنائية في تاريخ صناعة السيارات. هي سيارة جسدت ذروة الطموح الأمريكي في التصميم والتكنولوجيا، وبقيت رغم خسائرها رمزًا خالدًا لفخامة لا تقارن وروح لا تنسى.